ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت إليك هذه الاية ولا نطيقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدون ان تقولوا كما قال اهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا واطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير- فلما اقتراها القوم وذلت بها ألسنتهم انزل الله تعالى في اثرها-.
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ قلت لعل الصحابة حين نزلت وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ الاية فهموا منه ان الله يحاسب على خطرات الأنفس- او انهم بناء على هضم أنفسهم اتهموا أنفسهم بالرذائل فاشتد ذلك عليهم فعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم طريقة التسليم والرضاء والتوكل التي هى صفات النفوس المطمئنة الكريمات- وانزل الله تعالى لرفع ظنهم عن محاسبة الخطرات وتسلّيتهم بالشهادة على صدق ايمانهم وصحة نياتهم وتزكية نفوسهم وتصفية قلوبهم فان زوال رذائل النفس مقتضى الايمان- والايمان الحقيقي الكامل لا يكون الا بعد فناء النفس وزوال رذائلها والمطلق ينصرف الى الكامل- والمراد بالمؤمنين المؤمنون الموجودون في ذلك الزمان وهم الصحابة رضى الله عنهم كما في قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والتحق بهم من كان ايمانهم كايمانهم من اهل السنة والجماعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان بنى إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة- قالوا من هى يا رسول الله قال ما انا عليه وأصحابي رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو كُلٌّ التنوين فيه عوض عن المضاف اليه اى كل واحد منهم- قال البيضاوي لا يخلو من ان يعطف المؤمنون على الرسول فيكون الضمير الذي ينوب عنه التنوين راجعا الى الرسول والمؤمنين او يجعل المؤمنون مبتدأ فيكون الضمير للمؤمنين وباعتباره يصح وقوع كل مع خبره خبر مبتدأ- ويكون افراد الرسول بالحكم اما لتعظيمه أو لأن إيمانه عن مشاهدة وعيان وايمانهم عن نظر واستدلال آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ قرأ حمزة والكسائي وكتابه على الافراد يعنى القران والايمان به يتضمن الايمان بجميع الكتب او المراد بالكتاب الجنس والفرق بينه وبين الجمع انه شائع في وحدان الجنس والجمع في جموعه ولذلك قيل الكتاب اكثر من الكتب وَرُسُلِهِ وقالوا او قائلين لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ اى في الايمان بهم كما فرق اليهود فقالوا نؤمن ببعض ونكفر ببعض- وأحد نكرة فى سياق النفي فعمت كلهم ولذلك دخل عليه بين- وقرأ يعقوب لا يفرّق على الغيبة والضمير راجع