فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اى بعض الدائنين بعض المديونين واستغنى بامانته عن الرهن والكتابة- وفي قراءة أبيّ فان ائتمن والمعنى واحد فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ اى دينه سماه امانة لايتمانه بترك الكتابة والرهن عن انس قال فلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الا قال لا ايمان لمن لا امانة له ولا دين لمن لا عهد له- رواه البيهقي في الشعب وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ فى الخيانة والإنكار من الحق وفيه
مبالغات- وقد مر في الحديث اية المنافق ثلث وذكر فيه إذا اؤتمن خان وَلا تَكْتُمُوا ايها الشهداء الشَّهادَةَ على المديونين إذا ما خانوا ولم يؤدوا ما أمن بعضكم بعضا وأنكروا الحق الذي عليهم- ويحتمل ان يكون المراد لا تكتموا ايها المديونين الشهادة بالحقوق الذي عليكم اى أقروا على أنفسكم وَمَنْ يَكْتُمْها اى الشهادة بالحق فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ مرفوع بالفاعلية او الابتداء اى يأثم قلبه او قلبه اثم- والجملة خبران وأسند الإثم الى القلب لان الكتمان فعل القلب ففى الاسناد اليه تأكيد ومبالغة كما يقال رايته بعيني وسمعته بأذنى وحفظته بقلبي او لانه رئيس الأعضاء وأفعاله أعظم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان في جسد بنى آدم لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله الا وهى القلب- متفق عليه عن النعمان بن بشير قيل أراد به مسخ القلب نعوذ بالله منها وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من الشهادة والكتمان عَلِيمٌ (283) تهديد وهذه الاية دليل على ان كتمان الشهادة حرام وأداؤها فريضة وان لم يسئله المشهود له- وإذا كان المشهود له لا يعلم بشهادة الشاهد يجب على الشاهد ان يعلّمه بانه شاهد- وقال قوم الشهادة من قبل ان يستشهد مذموم لحديث عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أمتي قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم ان بعدهم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن- وفي رواية ويحلفون ولا يستحلفون- متفق عليه- وعن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- أكرموا أصحابي فانهم خياركم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يظهر الكذب حتى ان الرجل ليحلف ولا يستحلف ويشهد ولا يستشهد رواه النسائي واسناده صحيح وفي الباب حديث ابى هريرة نحوه وحديث ابن مسعود بلفظ يسبق شهادتهم ايمانهم وايمانهم شهادتهم- روى الطحاوي الحديثين بطرق- قلنا المراد بهذه الشهادة المذمومة الشهادة على الكذب بقرينة قوله ثم يفشوا الكذب وقوله ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون- وقد روى الطحاوي بسنده من طريق مالك عن زيد بن خالد الجهني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم