((مسئلة)) قال ابو حنيفة يقتصر الحاكم في العدالة على ظاهر صلاحه ولا يسئل عن حاله الا إذا طعن فيه الخصم- وقال ابو يوسف ومحمد لا بدان يسئل عنهم سرا وعلانية طعن الخصم او لا- وبه قال الشافعي واحمد وقال مالك من كان مشهورا بالعدالة لا يسئل عنه ومن عرف جرحه ردت شهادته ويسئل إذا شك- احتج ابو حنيفة بقوله صلى الله عليه وسلم- المسلمون عدول بعضهم على بعض الا محدودا في قذف- رواه ابن ابى شيبة- وعن عمر بن الخطاب انه كتب لابى موسى الأشعري وفيه المسلمون عدول بعضهم على بعض الا مجلودا في قذف او مجربا في شهادة زورا وظنينك في ولاء او قرابة- رواه الدارقطني من طريق فيه عبد الله ابو حميد وهو ضعيف ومن طريق اخر حسنه واخرج البيهقي من طريق غير الطريقين قال العلماء الحنفية والفتوى على قول ابى يوسف ومحمد قالوا والخلاف انما هو خلاف زمان لا خلاف حجة وبرهان لان الغالب في زمان ابى حنيفة كان الصلاح ثم فسد الزمان في وقت صاحبيه والحق كذلك قلت والفتوى في زماننا هذا على قول ابى حنيفة لان في زماننا لا يوجد رجل عدل على ما شرط في الكتب فلو ضيقنا الأمر يتوى حقوق الناس وينسد باب القضاء بل في زماننا هذا الفاسق إذا كان
وجيها ذا مروة يغلب على الظن انه لا يكذب في الشهادة او دلت القرائن على صدقه يقبل شهادته- واختار المتأخرون تحليف الشهود مقام التزكية- فان قيل هذا تعليل فى مقابلة النص فلا يقبل- قلنا بل هو مقتضى النص فان قوله تعالى وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ... -
مِمَّنْ تَرْضَوْنَ يقتضى كون الشهداء من رجال كل قرن مرضيين منهم وكيف يمكن في قرتنا هذا ان تستشهد مثل ابى حنيفة إذ لا يوجد عادل في هذا القرن وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه انكم في زمان من ترك منكم عشر ما امر به هلك ثم يأتى زمان من عمل منهم عشر ما امر به نجا- رواه الترمذي عن ابى هريرة- وتأويل هذا الحديث ان الله سبحانه يغفر ذنوب رجال يريدون الله والدار الاخرة في الازمنة الفاسدة اكثر مما يغفر ذنوب رجال صالحين من القرون الصالحة وان كان ذنوبهم اكثر من ذنوب أولئك لان المعاصي صارت مباحة في هذه القرون ومثل الفريقين كمثل العسكرين عسكر يجاهدون كلهم كمال المجاهدة وعسكر في أكثرهم وصبر بعضهم نوع صبر ولم يفروا فالسلطان يعطى هؤلاء الصابرين اكثر مما يعطى أولئك المجاهدين والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ويغفر لمن يشاء الكبائر ويعذب من يشاء على الصغائر مِنَ الشُّهَداءِ كلمة من للتبعيض فهو يدل على ان الفاسق ايضا اهل للشهادة فان قبل القاضي