فاحياؤها بعد الاماتة دليل على احياء اجزاء الإنسان بعد الاماتة- قال البيضاوي فيه ايماء الى ان احياء النفس بالحياة الابدية انما يتاتى باماتة حب الشهوات والزخارف الذي هو صفة الطاووس والصولة المشهور بها الديك وخسة النفس وبعد الأمل المتصف بها الغراب والترفع والمسارعة الى الهوى الموسوم بها الحمام- قلت لما كان ابراهيم عليه السلام في مقام النزول والدعوة علمه الله تعالى طريق الإرشاد من إعطاء المريد الفناء والبقاء فاخذها وقطعها ينبىء عن السلوك والفناء ودعاؤها بإذن الله تعالى ينبىء عن الجذب الى الله والبقاء وهذه كلمات من اهل الاعتبار لا مدخل لها في التفسير والله اعلم فَصُرْهُنَّ قرا ابو جعفر وحمزة بكسر الصاد اى قطعهن ومزقهن من صار يصير صيرا إذا قطع قال الفراء هو مقلوب من صرى يصرى صريا وقرا الآخرون بضم الصاد ومعناه املهن يقال صرت اصتورا إذا أملته وقال عطاء معناه اجمعهن يقال صار يصور إذا جمع إِلَيْكَ متعلق بصرهنّ على قراءة الجمهور ومتعلق بمحذوف حال من المفعول على قراءة حمزة اى منضما إليك ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً قرا عاصم برواية ابى بكر بضم الزاء والهمز حيث وقع وقرا ابو جعفر بتشديد الزاء بلا همز والآخرون بإسكان الزاء والهمزة- اخرج ابن ابى حاتم عن ابن عباس امر الله تعالى ابراهيم ان يذبح تلك الطيور وينتف ريشها ويخلطها ودماءها ولحومها بعضها ببعض ثم امره ان يجعل اجزاءها على الجبال فجزاها سبعة اجزاء على سبعة اجبل وامسك رءوسهن عنده وكذا اخرج ابن جريح والسدى وروى ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس وقتادة انه جعل كل طائر اربعة اجزاء على كل جبل ربعا من كل طائر ثُمَّ ادْعُهُنَّ قل لهم تعالين بإذن الله يَأْتِينَكَ سَعْياً ساعيات مسرعات طيرانا او مشيا فدعاهن فجعل كل قطرة من دم طائر يصير الى قطرة اخرى وكل ريشة يصير الى الريشة الاخرى وكل عظم وبضعة الى اخرى وابراهيم ينظر حتى تمت كل جثة بغير رأس ثم اقبلن الى رءوسهن فصرن كما كن بإذن الله تعالى وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه شيء عما يريد حَكِيمٌ (260) ذو حكمة بالغة في كل ما يفعل ويذر- ذكر الله سبحانه في القصة السابقة أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وذكره هاهنا اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ يدل على انه قوله أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها كان على سبيل التعجب والاستبعاد