الذي صددتم فيه وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ والقصاص المساواة يعنى كل حرمة يجرى فيها القصاص والمساواة وقيل هذه الاية في محل التعليل لما سبق من قوله تعالى وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا- يعنى لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرة القضاء وخاف المسلمون ان لا يف المشركون بعهدهم ويصدوهم عن البيت كما فعلوا في العام الماضي ويقع القتال في الحرم والإحرام والشهر الحرام فامرهم الله تعالى بالقتال وقال الشهر الحرام بالشهر الحرام يعنى ان هتكوا حرمة الحرم والشهر ويقاتلوكم فقاتلوهم فيه فانه قصاص لما فعلوا وهذا التأويل أوفق بالسياق حيث قال الله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ في الحرم والشهر الحرام وأنتم محرمون فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ سمى الجزاء باسم الابتداء للمشاكلة وَاتَّقُوا اللَّهَ فيما لم يرخص لكم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) فينصرهم ويصلح شأنهم-.
وَأَنْفِقُوا أموالكم فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى الجهاد وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ قيل الباء زائدة وعبر بالأيدي عن الأنفس وقيل فيه حذف اى لا تلقوا أنفسكم بايديكم يعنى باختياركم والإلقاء طرح الشيء وعدى بالى لتضمن معنى الانتهاء- والقى بيده لا يستعمل الا في الشر إِلَى التَّهْلُكَةِ اى الهلاك- قيل كل شىء يصير عاقبته الى الهلاك فهو التهلكة وقيل التهلكة ما يمكن الاحتراز عنه والهلاك ما لا يمكن الاحتراز عنه روى البخاري عن حذيفة قال نزلت هذه الاية في النفقة واخرج ابو داود والترمذي وصححه ابن حبّان والحاكم وغيرهم عن ابى أيوب الأنصاري رضى الله عنه قال نزلت هذه الاية فينا معشر الأنصاري لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه قال بعضنا لبعض سرا ان أموالنا قد ضاعت وان الله تعالى قد أعز الإسلام فلو أقمنا في أموالنا فاصلحنا ما ضاع منها- فانزل الله تعالى يردّ علينا ما قلنا فكانت التهلكة الاقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو- قلت المعنى انكم لو تركتم الغزو يغلب عدوكم عليكم فتهلكون- قال البغوي فما زال ابو أيوب رضى الله عنه يجاهد في سبيل الله حتى كان اخر غزوة غزاها بقسطنطنية فاستشهد ودفن في اصل سور قسطنطنية وهم يستسقون به وروى عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يغز ولم يحدث