والعطف بالواو بين الإيمان بالله واطمئنان القلوب، يبدو هنا وكأنه عطف بثمّ، كما يبدو ذلك من نظم الآية، ومن النّبرة الموسيقية لواو العطف بعد الواو فى الفعل «آمنوا» .. حيث يقوم فاصل زمنى بين النطق بواو العطف، والتاء فى الفعل «تطمئن» .. هكذا: «آمَنُوا وَ.. تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ» .
الآيتان: (47- 48) [سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)
التفسير: هذه النداءات المكررة من ربّ العزة إلى هذا القطيع الشارد، من بنى إسرائيل- إنما تشير إلى ما فى نفوس هؤلاء القوم من كنود، وما فى طباعهم من جفاء وجماح، وما ضمّ عليه كيانهم من جحود للإحسان، وكفران بالنعم وليست هذه النداءات المتكررة إلا لإقامة الحجة عليهم، ومظاهرة النذر لهم، حتى إذا أخذوا بعنادهم وجماحهم كان أخذهم شديدا أليما.. ومن أجل هذا أخذهم الله بالبأساء والضراء، وأوقع عليهم اللعنة، وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، فقال تعالى فى بنى إسرائيل: «فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ» (13: المائدة) ويقول سبحانه: «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ، وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ» (112: آل عمران)