اسم الکتاب : التفسير الحديث المؤلف : دروزة، محمد عزة الجزء : 1 صفحة : 562
وهي على إيجازها خلاصة هدف الدعوة الإسلامية الموجهة إلى الإنسانية جمعاء، وهي عرض عام مثل سورة الأعلى والليل. ولذلك نرجح أنها نزلت مثلهما قبل الفصول القرآنية التي فيها حكاية مواقف المكذبين في سورة العلق والقلم والمزمل والمدثر.
ولقد كان المؤمنون الأولون رضي الله عنهم يعرفون عظم مدى السورة حتى لقد روي [1] أن الرجلين من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا التقيا لم يفترقا إلّا بعد أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ثم يسلم أحدهما على الآخر. ولقد قال الشافعي رحمه الله [2] : لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم.
ونقول بالمناسبة إن هناك آثارا في فضل صلاة العصر. وقد فسرت الصلاة الوسطى المأمور بالمحافظة عليها بنوع خاص في آية البقرة هذه: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [238] بصلاة العصر [3] . والتسمية تنويهية بفضل هذه الصلاة. ومما يروى [4] أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يجلس في مسجده في المدينة لأصحابه بعد هذه الصلاة فيلتفون حوله ويستمعون إلى تعاليمه وعظاته ويراجعه الناس في مشاكلهم، لأنهم يكونون في هذا الوقت قد فرغوا من مشاغلهم اليومية أو كادوا، وتكون شدة الحرارة في الصيف قد خفّت. ومن هنا كان الحث على المحافظة عليها كما هو المتبادر ومن هنا تبدو حكمة القسم الرباني بوقتها.
تعليق على تعبير الصَّالِحاتِ
وتعبير الصَّالِحاتِ عام مطلق يتضمن كل نوع من أنواع الخير والبر والمعروف تعبديا كان أم غير تعبدي، فعبادة الله وحده وإسلام النفس إليه ونبذ ما [1] انظر تفسير السورة في تفسير ابن كثير. [2] المصدر نفسه. [3] انظر تفسير الآية في تفسير الزمخشري والطبرسي وابن كثير والطبري والمنار. [4] انظر تفسير آية المائدة التي فيها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ ... الآية [106] في تفسير الزمخشري والطبرسي والمنار أيضا.
اسم الکتاب : التفسير الحديث المؤلف : دروزة، محمد عزة الجزء : 1 صفحة : 562