responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 93
مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ أَخْذَ انْتِزَاعٍ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَهُ يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ فِي شَأْنِهِ، لِأَنَّ كَوْنَ الْمِفْتَاحِ بِيَدِ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ مُسْتَصْحَبٌ مِنْ قَبْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُغَيِّرِ الْإِسْلَامُ حَوْزَهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ تَقَرَّرَ حَقُّ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، فَبَقِيَتْ سِدَانَةُ الْكَعْبَةِ فِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَنَزَلَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْهَا لِابْنِ عَمِّهِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، وَكَانَتِ السِّدَانَةُ مِنْ مَنَاصِبِ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ [1] فَأَبْطَلَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَهَا فِي خُطْبَةِ يَوْمِ الْفَتْحِ أَوْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، مَا عَدَا السِّقَايَةَ وَالسِّدَانَةَ.
فَإِطْلَاقُ اسْمِ الْأَمَانَةِ فِي الْآيَةِ حَقِيقَةٌ، لِأَنَّ عُثْمَانَ سَلَّمَ مِفْتَاحَ الْكَعْبَة للنبيء عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام دُونَ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ.
وَالْأَدَاءُ حِينَئِذٍ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، لِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا ذَاتٌ يُمْكِنُ إيصالها بِالْفِعْلِ لمستحقّها، فَتَكُونُ الْآيَةُ آمِرَةً بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْإِيصَالِ وَالْوَفَاءَاتِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ دَفْعُ الْأَمَانَاتِ الْحَقِيقِيَّةِ، فَلَا مَجَازَ فِي لَفْظِ (تُؤَدُّوا) .
وَقَوْلُهُ: وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ عَطَفَ أَنْ تَحْكُمُوا عَلَى أَنْ تُؤَدُّوا وَفَصَلَ بَيْنَ الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ الظَّرْفُ، وَهُوَ جَائِزٌ، مِثْلُ قَوْلِهِ: وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً [الْبَقَرَة: 201] وَكَذَلِكَ فِي عَطْفِ الْأَفْعَالِ عَلَى الصَّحِيحِ: مِثْلُ وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ [الشُّعَرَاء: 129، 130] .
وَالْحُكْمُ مَصْدَرُ حَكَمَ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ، أَيِ اعْتَنَى بِإِظْهَارِ الْمُحِقِّ مِنْهُمَا مِنَ الْمُبْطِلِ، أَوْ إِظْهَارِ الْحَقِّ لِأَحَدِهِمَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَكْمِ- بِفَتْحِ الْحَاءِ- وَهُوَ

[1] مناصب قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة، وَتسَمى مآثر قُرَيْش، هِيَ: السِّقَايَة وَهِي سقِِي الحجيج من مَاء زَمْزَم وَكَانَت لبني هَاشم، والسدانة بِكَسْر السِّين وَهِي حجابة الْكَعْبَة وَهِي لبني عبد البدار، والسفارة لبني عدي، والرفادة بِكَسْر الرَّاء وَهِي أَمْوَال تجمعها قُرَيْش لإعانة الْحجَّاج المعوزين وَهِي لبني نَوْفَل، والديات والحمالات وَهِي لبني تيم، والراية تسمى الْعقَاب وَهِي لبني أُميَّة، والمشورة لبني أَسد بن عبد الْعزي، والأعنة والقبة وَهِي شؤون الْحَرْب كَانُوا يضْربُونَ قبَّة ويجتمعون إِلَيْهَا عِنْد تجهيز الجيوش وَهِي لبني مَخْزُوم، والحكومة وأموال الْآلهَة لبني سهم، والإيسار والإزلام لبني جمح.
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست