responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 87
أَنَّهُ الشِّرْكُ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: هؤُلاءِ أَهْدى إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، وَهُوَ حِكَايَةٌ لِلْقَوْلِ بِمَعْنَاهُ، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا قَالُوا: «أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ» ، أَوْ قَالَ بَعْضُ الْيَهُودِ لِبَعْضٍ فِي شَأْنِ أَهْلِ مَكَّةَ هؤُلاءِ أَهْدى، أَيْ حِينَ تَنَاجَوْا وَزَوَّرُوا مَا سَيَقُولُونَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا حِكَايَةٌ لِقَوْلِهِمْ بِالْمَعْنَى نِدَاءً عَلَى غَلَطِهِمْ، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا قَالُوا: «هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَتْبَاعِهِ» وَإِذْ كَانَ مُحَمَّدٌ وَأَتْبَاعُهُ مُؤْمِنِينَ فَقَدْ لَزِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَهْدَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَهَذَا مَحَلُّ التَّعْجِيبِ.
وَعَقَّبَ التَّعْجِيبَ بُقُولِهِ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ. وَمَوْقِعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ هُنَا فِي نِهَايَةِ الرَّشَاقَةِ، لِأَنَّ مَنْ بَلَغَ مِنْ وَصْفِ حَالِهِ هَذَا الْمَبْلَغَ صَارَ كَالْمُشَاهَدِ، فَنَاسَبَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَلَمْ تَرَ أَنْ يُشَارَ إِلَى هَذَا الْفَرِيقِ الْمُدَّعَى أَنَّهُ مَرْئِيٌّ، فَيُقَالُ: (أُولَئِكَ) . وَفِي اسْمِ الْإِشَارَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ جَدِيرُونَ بِمَا سَيُذْكَرُ مِنَ الْحُكْمِ لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ.
وَالصِّلَةُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا لِلْمُخَاطَبِينَ اتِّصَافُ الْمُخْبَرِ عَنْهُمْ بِهَا اتِّصَافَ مَنِ اشْتُهِرَ بِهَا فَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ إِنْ سَمِعْتُمْ بِقَوْمٍ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَهُمْ هُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ الْيَهُودَ مَلْعُونُونَ، فَالْمَقْصُودُ مِنَ الصِّلَةِ هُوَ مَا عُطِفَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً. وَالْمَوْصُولُ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى تَعْلِيلِ الْإِخْبَارِ الضِّمْنِيِّ عَنْهُمْ: بِأَنَّهُمْ لَا نَصِيرَ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَالَّذِي
يَلْعَنُهُ لَا نَصِيرَ لَهُ. وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِي شَأْنِ الْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً [النِّسَاء: 45] .

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست