responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 10
وَذَهَبُ جَمْعٌ: مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَابْنُ جُبَيْرٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ. وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ: هُوَ الَّذِي تَعَاقَدَ الزَّوْجَانِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا مُؤَجَلَةً بِزَمَانٍ أَوْ بِحَالَةٍ، فَإِذَا انْقَضَى ذَلِكَ الْأَجَلُ ارْتَفَعَتِ الْعِصْمَةُ، وَهُوَ نِكَاحٌ قَدْ أُبِيحَ فِي الْإِسْلَامِ لَا مَحَالَةَ، وَوَقَعَ النَّهْيُ عَنْهُ يَوْمَ خَيْبَرَ، أَوْ يَوْمَ حُنَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالَّذِينَ قَالُوا: حُرِّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالُوا: ثُمَّ أُبِيحَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ. وَقِيلَ: نُهِيَ عَنْهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ:
وَهُوَ أَصَحُّ. وَالَّذِي اسْتَخْلَصْنَاهُ أَنَّ الرِّوَايَاتِ فِيهَا مُضْطَرِبَةٌ اضْطِرَابًا كَبِيرًا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَخِيرِ مِنْ شَأْنِهِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ اسْتَقَرَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نَسَخَتْهُ آيَةُ الْمَوَارِيثِ لِأَنَّ فِيهَا وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ ...
وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النِّسَاء: 12] فَجَعَلَ لِلْأَزْوَاجِ حَظًّا مِنَ الْمِيرَاثِ، وَقَدْ كَانَتِ الْمُتْعَةُ لَا مِيرَاثَ فِيهَا. وَقِيلَ: نَسَخَهَا مَا
مُسْلِمٌ عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ ثَالِثَ يَوْمٍ مِنَ الْفَتْحِ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
. وَانْفِرَادُ سَبْرَةَ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَغْمَزٌ فِي رِوَايَتِهِ، عَلَى أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّاسَ اسْتَمْتَعُوا. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَالصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِجَوَازِهِ. قِيلَ: مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِيَّةِ، وَقِيلَ: فِي حَالِ الضَّرُورَةِ عِنْدَ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلَا أَنَّ عُمَرَ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ مَا زَنَى إِلَّا شَفًى [1] .
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي «الصَّحِيحِ» أَنَّهُ قَالَ: «نَزَلَتْ آيَّةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَنْزِلْ
بَعْدَهَا آيَةٌ تَنْسَخُهَا، وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ»
يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ نَهَى عَنْهَا فِي زَمَنٍ مِنْ خِلَافَتِهِ بَعْدَ أَنْ عَمِلُوا بِهَا فِي مُعْظَمِ خِلَافَتِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُفْتِي بِهَا، فَلَمَّا قَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَتَدْرِي مَا صَنَعْتَ بِفَتْوَاكَ فَقَدْ سَارَتْ بِهَا الرُّكْبَانُ حَتَّى قَالَ الْقَائِلُ:

[1] بفاء بعد الشين، أَي إلّا قَلِيل، وَأَصله من قَوْلهم: شفيت الشَّمْس إِذا غربت وَفِي بعض الْكتب شقي.
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست