responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 90
فِيهِ
قَوْلُهُ: «إنّ جِبْرِيل وميكاييل قَالَا لَهُ:
ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعَ فَإِذَا فَوْقَهُ مِثْلُ السَّحَابِ، قَالَا: هَذَا مَنْزِلُكَ، قَالَ: فَقُلْتُ: دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي، قَالَا: إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ» .
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) .
أَعْقَبَ وَصْفَ الْجَنَّةِ بِذِكْرِ أَهْلِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يزِيد التّنويه بِهِ، وَلَمْ يَزَلِ الْعُقَلَاءُ يَتَخَيَّرُونَ حُسْنَ الْجِوَارِ كَمَا قَالَ أَبُو تَمَّامٍ:
مَنْ مَبْلَغٌ أَفَنَاءَ يَعْرُبَ كُلِّهَا ... أَنِّي بَنَيْتُ الْجَارَ قَبْلَ الْمَنْزِلِ
وَجُمْلَةُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِأَنَّ ذِكْرَ الْجَنَّةِ عَقِبَ ذِكْرِ النَّارِ الْمَوْصُوفَةِ بِأَنَّهَا أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ يُثِيرُ فِي نُفُوسِ السَّامِعِينَ أَنْ يَتَعَرَّفُوا مَنِ الَّذِينَ أُعِدَّتْ لَهُمْ: فَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُتَّقِينَ أَكْمَلُ مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ التَّقْوَى، فَإِعْدَادُهَا لَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَهْلُهَا- فَضْلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى- الَّذِينَ لَا يَلِجُونَ النَّارَ أَصْلًا- عَدْلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى- فَيَكُونُ مُقَابِلَ قَوْلِهِ: وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ [آل عمرَان: 131] ، وَيَكُونُ عُصَاةُ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ التَّائِبِينَ قَدْ أَخَذُوا بحظّ من الدَّارَيْنِ، لِمُشَابِهَةِ حَالِهِمْ حَالَ الْفَرِيقَيْنِ عَدْلًا مِنَ اللَّهِ وَفَضْلًا، وَبِمِقْدَارِ الِاقْتِرَابِ مِنْ أَحَدِهِمَا يَكُونُ الْأَخْذُ بِنَصِيبٍ مِنْهُ، وَأُرِيدَ الْمُتَّقُونَ فِي الْجُمْلَةِ فَالْإِعْدَادُ لَهُمْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ مُقَدَّرُونَ مِنْ أَهْلِهَا فِي الْعَاقِبَةِ.
وَقَدْ أَجْرَى عَلَى الْمُتَّقِينَ صِفَاتِ ثَنَاءٍ وَتَنْوِيهٍ، هِيَ لَيْسَتْ جِمَاعَ التَّقْوَى، وَلَكِنَّ اجْتِمَاعَهَا فِي مَحَلِّهَا مُؤذن بأنّ ذَلِك الْمَحَلَّ الْمَوْصُوفَ بِهَا قَدِ اسْتَكْمَلَ مَا بِهِ التَّقْوَى، وَتِلْكَ هِيَ مُقَاوَمَةُ الشُّحِّ الْمُطَاعِ، وَالْهَوَى الْمُتَّبَعِ.
الصِّفَةُ الْأُولَى: الْإِنْفَاقُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. وَالْإِنْفَاقُ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَهُوَ الصَّدَقَةُ وَإِعْطَاءُ الْمَالِ وَالسِّلَاحِ وَالْعُدَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَالسَّرَّاءُ فَعْلَاءُ، اسْمٌ لِمَصْدَرِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست