responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 301
الْمُرَادَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِيمَا فِيهِ غَيْرَةٌ، وَهُوَ النِّكَاحُ أَصَالَةً، وَيُلْحَقُ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّسَرِّي بِمِلْكِ الْيَمِينِ، إِذِ الْعِلَّةُ وَاحِدَةٌ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ وَقَوْلُهُ: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [النِّسَاء: 24] يُخَصُّ بِغَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ. وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي التَّسَرِّي فَقَالَ: «أَحَلَّتْهُمَا» آيَةٌ يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ يَعْنِي هَذِهِ الْآيَةَ، أَيْ فَهُوَ مُتَوَقِّفٌ. وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَنْ جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسَرِّي حَرَامٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ مَالِكٌ «فَإِنْ تَسَرَّى بِإِحْدَى الْأُخْتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ التَّسَرِّي بِالْأُخْرَى وَقَفَ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى بِمَا تَحْرُمُ بِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَلَا يُحَدُّ إِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا» . وَقَالَ الظَّاهِرِيَّةُ: يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي التَّسَرِّي لِأَنَّ الْآيَةَ وَارِدَةٌ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ، أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي مُجَرَّدِ الْمِلْكِ فَلَا حَظْرَ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ هُوَ كَنَظِيرِهِ السَّابِقِ، وَالْبَيَانُ فِيهِ كَالْبَيَانِ هُنَاكَ، بَيْدَ أَنَّ الْقُرْطُبِيَّ قَالَ هُنَا: وَيَحْتَمِلُ مَعْنًى زَائِدًا وَهُوَ جَوَازُ مَا سَلَفَ وَأَنَّهُ إِذَا جَرَى الْجَمْعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا وَإِذَا جَرَى الْجَمْعُ فِي الْإِسْلَامِ خُيِّرَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِجْرَاءِ عُقُودِ الْكُفَّارِ عَلَى مُقْتَضَى الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَعْزُ الْقَوْلَ بِذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ تَقْرِيرَ مَا عَقَدُوهُ مِنْ ذَلِكَ فِي عَهْدِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَالْمَغْفِرَةُ لِلتَّجَاوُزِ عَنِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهِ، وَالرَّحْمَةُ لِبَيَانِ سَبَبِ ذَلِكَ التَّجَاوُزِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 301
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست