responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 297
اعْتِدَادَ بِرَضَاعٍ فِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَمَا
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ زَوْجَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ [الْأَحْزَاب: 4] إِذْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا كَمَا يَدْخُلُ الْأَبْنَاءُ عَلَى أُمَّهَاتِهِمْ، فَتِلْكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهَا، وَكَانَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ الْحِجَابَ أَرْضَعَتْهُ، تَأَوَّلَتْ ذَلِكَ مِنْ إِذْنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَهْلَةَ زَوْجِ أَبِي حُذَيْفَةَ
، وَهُوَ رَأْيٌ لَمْ يُوَافِقْهَا عَلَيْهِ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ عَلَيْهِنَّ بِذَلِكَ، وَقَالَ بِهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، بِإِعْمَالِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ. وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ بَعْدَ أَنْ أَفْتَى بِهِ.
وأمّا مِقْدَارُ الرَّضَاعِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّحْرِيمُ، فَهُوَ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الرَّضَاعِ وَهُوَ مَا وَصَلَ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ فِي الْحَوْلَيْنِ وَلَوْ مَصَّةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ أَغْلَبِ الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ كَانَ
الْحُكْمُ فِي أَوَّلِ أَمْرِ التَّحْرِيمِ أَنْ لَا تَقَعَ الْحُرْمَةُ إِلَّا بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ» وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ:
هُوَ مَنْسُوخٌ، وَرَدُّوا قَوْلَهَا (فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ) بِنِسْبَةِ الرَّاوِي إِلَى قِلَّةِ الضَّبْطِ لِأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مُسْتَرَابَةٌ إِذْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْرَأُ وَلَا نَسْخَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا فُطِمَ الرَّضِيعُ قبل الْحَوْلَيْنِ فظاما اسْتَغْنَى بَعْدَهُ عَنْ لَبَنِ الْمُرْضِعِ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ إِطْلَاقُ اسْمِ الْأُخْتِ عَلَى الَّتِي رَضَعَتْ مِنْ ثَدْيِ مُرْضِعَةِ مَنْ أُضِيفَتْ أُخْتٌ إِلَيْهِ جَرَى عَلَى لُغَةِ الْعَرَبِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي إِطْلَاقِ الْأُمِّ عَلَى الْمُرْضِعِ. وَالرَّضَاعَةُ- بِفَتْحِ الرَّاءِ- اسْمُ مَصْدَرِ رَضَعَ، وَيَجُوزُ- كَسْرُ الرَّاءِ- وَلَمْ يُقْرَأْ بِهِ.
وَمَحَلُّ مِنَ الرَّضاعَةِ حَالٌ مِنْ أَخَواتُكُمْ وَ (مِنَ) فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ وَالسَّبَبِيَّةِ، فَلَا تُعْتَبَرُ أُخُوَّةُ الرَّضَاعَةِ إِلَّا بِرَضَاعَةِ الْبِنْتِ مِنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتِ الْوَلَدَ.
وَقَوْلُهُ: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورَاتُ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ هُنَّ الْمُحَرَّمَاتُ بِسَبَبِ الصِّهْرِ، وَلَا أَحْسَبُ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُحَرِّمُونَ شَيْئًا مِنْهَا، كَيْفَ وَقَدْ أَبَاحُوا أَزْوَاجَ الْآبَاءِ وَهُنَّ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ جَمِيعِ نِسَاءِ الصِّهْرِ، فَكَيْفَ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 297
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست