responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 167
وَضَمِيرُ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ حَالًا مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ أَيْ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا حُزْنٌ فَهُمْ مُسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَكْرِيرًا لِقَوْلِهِ: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا وَالضَّمِيرُ لِ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفَائِدَةُ التَّكْرِيرِ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْبِشَارَةِ كَقَوْلِهِ: رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا [الْقَصَص: 63] فَكَرَّرَ أَغْوَيْنَاهُمْ، وَلِأَنَّ هَذَا اسْتِبْشَارٌ مِنْهُ عَائِدٌ لِأَنْفُسِهِمْ، وَمِنْهُ عَائِدٌ لِرِفَاقِهِمُ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ مِنْ بَعْدِ الْقَرْحِ، وَالْأُولَى عَائِدَةٌ لِإِخْوَانِهِمْ. وَالنِّعْمَةُ: هِيَ مَا يَكُونُ بِهِ صَلَاحٌ، وَالْفَضْلُ: الزِّيَادَةُ فِي النِّعْمَةِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ- بِفَتْحِ هَمْزَةِ (أَنَّ) - عَلَى أَنَّهُ عطف على بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ تَفْخِيمُ مَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الِاسْتِبْشَارِ وَانْشِرَاحِ الْأَنْفُسِ بِأَنْ جَمَعَ اللَّهُ لَهُمُ الْمَسَرَّةَ الْجُثْمَانِيَّةَ الْجُزْئِيَّةَ وَالْمَسَرَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ، فَإِنَّ إِدْرَاكَ الْحَقَائِقِ الْكُلِّيَّةِ لَذَّةٌ رُوحَانِيَّةٌ عَظِيمَةٌ لِشَرَفِ الْحَقَائِقِ الْكُلِّيَّةِ وَشَرَفِ الْعِلْمِ بِهَا، وَحُصُولِ الْمَسَرَّةِ لِلنَّفْسِ مِنَ انْكِشَافِهَا لَهَا وَإِدْرَاكِهَا، أَيِ اسْتَبْشَرُوا بِأَنْ عَلِمُوا حَقِيقَةً كُلِّيَّةً وَسِرًّا جَلِيلًا مِنْ أَسْرَارِ الْعِلْمِ بِصِفَاتِ اللَّهِ وَكَمَالَاتِهِ، الَّتِي تَعُمُّ آثَارُهَا، أَهْلَ الْكَمَالِ كُلَّهُمْ، فَتَشْمَلُ الَّذِينَ أَدْرَكُوهَا وَغَيْرَهُمْ، وَلَوْلَا هَذَا الْمَعْنَى الْجَلِيلُ لَمْ يَكُنْ دَاعٍ إِلَى زِيَادَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ لَمْ يَحْصُلْ بِزِيَادَتِهِ زِيَادَةُ نِعْمَةٍ وَفَضْلٍ لِلْمُسْتَبْشِرِينَ مِنْ جِنْسِ النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ الْأَوَّلَيْنِ، بَلْ حَصَلَتْ نِعْمَةٌ وَفضل آخرَانِ. وقرأه الْكِسَائِيُّ- بِكَسْرِ هَمْزَةِ (إِنَّ) - عَلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ يَسْتَبْشِرُونَ فِي مَعْنَى التَّذْيِيلِ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا اسْتَبْشَرَ بِهِ الشُّهَدَاءُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ، فَتَكُونَ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ.
وَجُمْلَةُ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ صِفَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ وَهَذِهِ الِاسْتِجَابَةُ تُشِيرُ إِلَى مَا وَقَعَ إِثْرَ أُحُدٍ مِنَ الْإِرْجَافِ بِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ، بَعْدَ أَنْ بَلَغُوا الرَّوْحَاءَ، خَطَرَ لَهُمْ أَنْ لَوْ لَحِقُوا الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَأْصَلُوهُمْ. وَقَدْ مَرَّ ذِكْرُ هَذَا وَمَا وَقَعَ لِمَعْبَدِ بْنِ أَبِي مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست