responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 12
قَارَنَ إِقَامَتَهُ هُوَ الدَّيْنُ الْمُرَادُ لله، وَهَذَا يؤول إِلَى مَعْنَى قَوْلِهِ: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمرَان: 19] .
وَهَذَا التَّعْلِيلُ خِطَابِيٌّ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ اللُّزُومِ الْعُرْفِيِّ.
وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ: تَفَاخَرَ الْمُسْلِمُونَ وَالْيَهُودُ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ مِنَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُ مُهَاجَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: بَلِ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
وأَوَّلَ اسْمٌ لِلسَّابِقِ فِي فِعْلٍ مَا فَإِذَا أُضِيفَ إِلَى اسْمِ جِنْسٍ فَهُوَ السَّابِقُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ فِي الشَّأْنِ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُ.
وَالْبَيْت بِنَاء يأوي وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً، فَيَكُونُ بَيْتَ سُكْنَى، وَبَيْتَ صَلَاةٍ، وَبَيْتَ نَدْوَةٍ، وَيَكُونُ مَبْنِيًّا مِنْ حَجَرٍ أَوْ مِنْ أَثْوَابِ نَسِيجِ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ، وَيَكُونُ مِنْ أَدَمٍ فَيُسَمَّى قُبَّةً قَالَ تَعَالَى: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً [النَّحْل: 81] .
وَمَعْنَى وُضِعَ أُسِّسَ وَأُثْبِتَ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمَكَانُ مَوْضِعًا. وَأَصْلُ الْوَضْعِ أَنَّهُ الْحَطُّ ضِدُّ الرَّفْعِ، وَلَمَّا كَانَ الشَّيْءُ الْمَرْفُوعُ بَعِيدًا عَنِ التَّنَاوُلِ، كَانَ الْمَوْضُوعُ هُوَ قَرِيبَ التَّنَاوُلِ، فَأُطْلِقَ الْوَضْعُ لِمَعْنَى الْإِدْنَاءِ لِلْمُتَنَاوَلِ، وَالتَّهْيِئَةِ للِانْتِفَاع.
و (النّاس) تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [8] .
وبكة اسْمُ مَكَّةَ. وَهُوَ لُغَةٌ- بِإِبْدَالِ الْمِيمِ بَاءً- فِي كَلِمَاتٍ كَثِيرَةٍ عُدَّتْ مِنَ الْمُتَرَادِفِ: مَثَلُ لَازِبٍ فِي لَازِمٍ، وَأَرْبَدَ وَأَرْمَدَ أَيْ فِي لَوْنِ الِرَمَادِ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ بَكَّةَ بِالْبَاءِ اسْمُ مَوْضِعِ الْبَيْتِ، وَأَنَّ مَكَّةَ بِالْمِيمِ اسْمُ بَقِيَّةِ الْمَوْضِعِ، فَتَكُونُ بَاءُ الْجَرِّ- هُنَا- لِظَرْفِيَّةِ مَكَانِ الْبَيْتِ خَاصَّةً. لَا لِسَائِرِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْبَيْتُ، وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ بَكَّةَ اسْمٌ بِمَعْنَى الْبَلْدَةِ وَضَعَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَمًا عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِسُكْنَى وَلَدِهِ بِنِيَّةِ أَنْ يَكُونَ بَلَدًا، فَيَكُونُ أَصْلُهُ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست