responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 85
أَجْزَاءُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ مُسَمَّاةً سُوَرًا عِنْدَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي الْإِسْلَامِ.
وَوَجْهُ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْقُرْآنِ سُورَةً قِيلَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ السُّورِ بِضَمِّ السِّينِ وَتَسْكِينِ الْوَاوِ وَهُوَ الْجِدَارُ الْمُحِيطُ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِمَحَلَّةِ قَوْمٍ، زَادُوهُ هَاءَ تَأْنِيثٍ فِي آخِرِهِ مُرَاعَاةً لِمَعْنَى الْقِطْعَةِ مِنَ الْكَلَامِ، كَمَا سَمُّوا الْكَلَامَ الَّذِي يَقُولُهُ الْقَائِلُ خُطْبَةً أَوْ رِسَالَةً أَوْ مَقَامَةً. وَقِيلَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ السُّؤْرِ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ السِّينِ وَهُوَ الْبَقِيَّةُ مِمَّا يَشْرَبُ الشَّارِبُ بِمُنَاسَبَةِ أَنَّ السُّؤْرَ جُزْءٌ مِمَّا يُشْرَبُ، ثُمَّ خففوا الْهَمْز بَعْدَ الضَّمَّةِ فَصَارَتْ وَاوًا، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: «وَتَرْكُ الْهَمْزِ فِي سُورَةٍ هُوَ لُغَةُ قُرَيْشٍ وَمَنْ جَاوَرَهَا مِنْ هُذَيْلٍ وَكِنَانَةَ وَهَوَازِنَ وَسَعْدَ بْنَ بَكْرٍ، وَأَمَّا الْهَمْزُ فَهُوَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَلَيْسَتْ إِحْدَى اللُّغَتَيْنِ بِدَالَّةٍ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْكَلِمَةِ مِنَ الْمَهْمُوزِ أَوِ الْمُعْتَلِّ، لِأَنَّ لِلْعَرَبِ فِي تَخْفِيفِ الْمَهْمُوزِ وَهَمْزِ الْمُخَفَّفِ مِنْ حُرُوفِ الْعِلَّةِ طَرِيقَتَيْنِ، كَمَا قَالُوا أُجُوهٌ وَإِعَاءٌ وَإِشَاحٌ، فِي وُجُوهٍ وَوِعَاءٍ وَوِشَاحٍ، وَكَمَا قَالُوا الذِّئْبَ بِالْهَمْزِ وَالذِّيبَ بِالْيَاءِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: رُبَّمَا خَرَجَتْ بِهِمْ فَصَاحَتُهُمْ إِلَى أَنْ يَهْمِزُوا مَا لَيْسَ مَهْمُوزًا كَمَا قَالُوا «رَثَأْتُ الْمَيِّتَ وَلَبَّأْتُ بِالْحَجِّ وَحَلَأْتُ السَّوِيقَ بِالْهَمْزِ» .
وَجَمْعُ سُورَةٍ سُوَرٌ بِتَحْرِيكِ الْوَاوِ كَغُرَفٍ، وَنُقِلَ فِي «شَرْحِ الْقَامُوسِ» عَنِ الْكُرَاعِ [1] أَنَّهَا تُجْمَعُ عَلَى سُورٍ بِسُكُونِ الْوَاوِ.
وَتَسْوِيرُ الْقُرْآنِ مِنَ السُّنَّةِ فِي زَمَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ كَانَ الْقُرْآنُ يَوْمَئِذٍ مُقَسَّمًا إِلَى مِائَةٍ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً بِأَسْمَائِهَا، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُثْبِتِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّمَا هُمَا تَعَوُّذٌ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يَقُولَهُ وَلَيْسَ هُوَ
مِنَ الْقُرْآنِ» ، وَأَثْبَتَ الْقُنُوتَ الَّذِي يُقَالُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عَلَى أَنَّهُ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ سَمَّاهَا سُورَةَ الْخَلْعِ وَالْخَنْعِ، وَجَعَلَ سُورَةَ الْفِيلِ وَسُورَةَ قُرَيْشٍ سُورَةً وَاحِدَةً، وَكُلُّ ذَلِكَ اسْتِنَادًا لِمَا فَهِمَهُ مِنْ نُزُولِ الْقُرْآنِ. وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ حِينَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ أَنَّهُمْ تَرَدَّدُوا وَلَا اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ سُوَرِهِ، وَأَنَّهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً، رَوَى أَصْحَابُ «السُّنَنِ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَتِ الْآيَةُ يَقُولُ: ضَعُوهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا، وَكَانَتِ السُّوَرُ مَعْلُومَةَ الْمَقَادِيرِ مُنْذُ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْفُوظَةً عَنْهُ فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ وَفِي عَرْضِ الْقُرْآنِ، فَتَرْتِيبُ الْآيَاتِ فِي السُّوَرِ هُوَ بِتَوْقِيفٍ

[1] هُوَ عَليّ بن حسن الْهنائِي- بِضَم الْهَاء- نِسْبَة إِلَى هناءة- بِوَزْن ثُمَامَة- اسْم جد قَبيلَة من قبائل الأزد، والكراع بِضَم الْكَاف وَتَخْفِيف الرَّاء لقب لعلى هَذَا، كَانَ يلقب كرَاع النَّمْل.
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست