responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 77
عَلَى أَنَّ وَرَاءَ هَذَا وُجُوبَ اتِّبَاعِ الْمَأْثُورِ مِنْ تَحْدِيدِ الْآيِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَصُدُّنَا عَنْ مُحَاوَلَةِ ضَوَابِطَ تَنْفَعُ النَّاظِرَ وَإِنْ شَذَّ عَنْهَا مَا شَذَّ.
أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا بَعْضُ السُّورِ قَدْ عُدَّ بَعْضُهَا آيَاتٍ مِثْلَ: الم، المص، كهيعص، عسق، طسم، يس، حم، طه. وَلَمْ تُعَدَّ: الر، المر، طس، ص، ق، ن، آيَاتٍ.
وَآيَاتُ الْقُرْآنِ مُتَفَاوِتَةٌ فِي مَقَادِيرِ كَلِمَاتِهَا فَبَعْضُهَا أَطْوَلُ مِنْ بَعْضٍ وَلِذَلِكَ فَتَقْدِيرُ الزَّمَانِ بِهَا فِي قَوْلِهِمْ مِقْدَارُ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ خَمْسِينَ آيَةً مَثَلًا، تَقْدِيرٌ تَقْرِيبِيٌّ، وَتَفَاوُتُ الْآيَاتِ فِي الطُّولِ تَابِعٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ مَقَامُ الْبَلَاغَةِ مِنْ مَوَاقِعِ كَلِمَاتِ الْفَوَاصِلِ عَلَى حَسَبِ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْكَلَامِ.
وَأَطْوَلُ آيَةٍ قَوْلُهُ تَعَالَى: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى قَوْلِهِ:
وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً فِي سُورَةِ الْفَتْحِ [25] ، وَقَوْلُهُ: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ إِلَى قَوْلِهِ: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [102] .
وَدُونَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [23] .
وَأَقْصَرُ آيَةٍ فِي عَدَدِ الْكَلِمَاتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: مُدْهامَّتانِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ [64] وَفِي عَدَدِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ قَوْله: طه [طه: 1] .
وَأَمَّا وُقُوفُ الْقُرْآنِ فَقَدْ لَا تُسَايِرُ نِهَايَاتِ الْآيَاتِ، وَلَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِنِهَايَاتِ الْآيَاتِ فَقَدْ يَكُونُ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ عِدَّةُ وُقُوفٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ (وَقْفٌ) وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ (وَقْفٌ) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (وَقْفٌ، وَمُنْتَهَى الْآيَةِ) فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ [47] .
وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْوُقُوفِ فِي آخِرِ هَذَا الْمَبْحَثِ.
فَأَمَّا اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهِ مِنْ عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ بِنَاءً عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي نِهَايَةِ بَعْضِهَا، فَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ عَنِ اخْتِلَافٍ فِي الرِّوَايَةِ كَمَا قَدَّمْنَا آنِفًا، وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ عَنِ اخْتِلَافِ الِاجْتِهَادِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي فِي كِتَابِ «الْعَدَدِ» : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَدَدَ آيَاتِ الْقُرْآنِ يَبْلُغُ سِتَّةَ آلَافِ آيَةٍ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَزِدْ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست