responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 666
الَّذِي قَبْلَهَا مُرَادٌ مِنْهُ التَّحْذِيرُ مِنَ الْغَلَطِ وَأَنْ يَكُونُوا كَمَنْ لَا يَعْلَمُ وَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي بَعْدَهَا مُرَادٌ مِنْهُ التَّحْذِيرُ كَذَلِكَ وَالْمُحَذَّرُ مِنْهُ فِي الْجَمِيعِ مُشْتَرَكٌ فِي كَوْنِهِ مِنْ أَحْوَالِ الْيَهُودِ الْمَذْمُومَةِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ (أَمْ) هُنَا مُتَّصِلَةً لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهَا لَيْسَا عَلَى حَقِيقَتِهِمَا لَا مَحَالَةَ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَدْ جَوَّزَ الْقَزْوِينِيُّ فِي «الْكَشْفِ عَلَى الْكَشَّافِ» كَوْنَ (أَمْ) هُنَا مُتَّصِلَةً بِوَجْهٍ مَرْجُوحٍ وَتَبِعَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَتَكَلَّفَا لِذَلِكَ مِمَّا لَا يُسَاعِدُ اسْتِعْمَالَ الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ، وَأَفْرَطَ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي «حَاشِيَةِ الْبَيْضَاوِيِّ» فَزَعَمَ أَنَّ حَمْلَهَا عَلَى الْمُتَّصِلَةِ أَرْجَحُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ لَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ فَاعِلِ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِأَمْ وَلِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا سَأَلُوا سُؤَالَ قَوْمِ مُوسَى فَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَإِنَّمَا قَصَدُوا التَّعَنُّتَ وَكَانَ الْجَمِيعُ فِي غَفْلَةٍ عَنْ عَدَمِ صَلُوحِيَّةِ الِاسْتِفْهَامَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِلْحَمْلِ عَلَى حَقِيقَةِ الِاسْتِفْهَامِ.
وَقَوْلُهُ: تُرِيدُونَ خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَا مَحَالَةَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: رَسُولَكُمْ وَلَيْسَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ بِمُرَجَّحٍ كَوْنَ الْخِطَابَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ مُتَوَجِّهَيْنِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ انْتِقَالَ الْكَلَامِ بَعْدَ (أَمِ) الْمُنْقَطِعَةِ يَسْمَحُ بِانْتِقَالِ الْخِطَابِ.
وَقَوْلُهُ: تُرِيدُونَ يُؤْذَنُ بِأَنَّ السُّؤَالَ لَمْ يَقَعْ وَلَكِنَّهُ رُبَّمَا جَاشَ فِي نُفُوسِ بَعْضِهِمْ أَوْ رُبَّمَا أَثَارَتْهُ فِي نُفُوسِهِمْ شُبَهُ الْيَهُودِ فِي إِنْكَارِهِمُ النَّسْخَ وَإِلْقَائِهِمْ شُبْهَةَ الْبَدَاءِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَبْعَثُ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى سُؤَالِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَوْلُهُ: كَما سُئِلَ مُوسى تَشْبِيةٌ وَجْهُهُ أَنَّ فِي أَسْئِلَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى كَثِيرًا مِنَ الْأَسْئِلَةِ الَّتِي تُفْضِي بِهِمْ إِلَى الْكُفْرِ كَقَوْلِهِمُ: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ [الْأَعْرَاف: 138] أَوْ مِنَ الْعَجْرَفَةِ كَقَوْلِهِمْ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [الْبَقَرَة: 55] فَيَكُونُ التَّحْذِيرُ مِنْ تَسَلْسُلِ الْأَسْئِلَةِ الْمُفْضِيَ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ. وَيَجُوزُ كَوْنُهُ رَاجِعًا إِلَى أَسْئِلَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَمَّا لَا يَعْنِيهِمْ وَعَمَّا يَجُرُّ لَهُمُ الْمَشَقَّةَ كَقَوْلِهِمْ مَا لَوْنُها [الْبَقَرَة: 69] وَمَا هِيَ [الْبَقَرَة: 70] .
قَالَ الْفَخْرُ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَسْأَلُونَ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُمُورٍ لَا خَيْرَ لَهُمْ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا لِيَعْلَمُوهَا كَمَا سَأَلَ الْيَهُودُ مُوسَى اهـ. وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ أَسْبَابًا أُخْرَى لِلنُّزُولِ، مِنْهَا: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَأَلُوا النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ لَمَّا مَرُّوا بِذَاتِ الْأَنْوَاطِ الَّتِي كَانَتْ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ
يَجْعَلَ لَهُمْ مِثْلَهَا وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَخْبَارٍ ضَعِيفَةٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ لِمَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فَإِنَّ الْآيَةَ مَسُوقَةٌ مَسَاقَ الْإِنْكَارِ التَّحْذِيرِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: تُرِيدُونَ قَصْدًا لِلْوِصَايَةِ بِالثِّقَةِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْوِصَايَةِ وَالتَّحْذِيرِ لَا يَقْتَضِيَانِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 666
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست