responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 589
تَقَاتَلَ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ اعْتَزَلَ الْيَهُودُ الْفَرِيقَيْنِ زَمَنًا طَوِيلًا وَالْأَوْسُ مَغْلُوبُونَ فِي سَائِرِ أَيَّامِ الْقِتَالِ فَدَبَّرَ الْأَوْسُ أَنْ يَخْرُجُوا يَسْعَوْنَ لِمُحَالَفَةِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ فَلَمَّا عَلِمَ الْخَزْرَجُ تَوَعَّدُوا الْيَهُودَ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَالُوا لَهُمْ: إِنَّا لَا نُحَالِفُ الْأَوْسَ وَلَا نُحَالِفُكُمْ فَطَلَبَ الْخَزْرَجُ عَلَى الْيَهُودِ رَهَائِنَ أَرْبَعِينَ غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ فَسَلَّمُوهُمْ لَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَمْرَو بْنَ النُّعْمَانِ الْبَيَاضِيَّ الْخَزْرَجِيَّ أَطْمَعَ قَوْمَهُ أَنْ يَتَحَوَّلُوا لِقُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ لِحُسْنِ أَرْضِهِمْ وَنَخْلِهِمْ وَأَرْسَلَ إِلَى قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ يَقُولُ لَهُمْ: إِمَّا أَنْ تُخَلُّوا لَنَا دِيَارَكُمْ وَإِمَّا أَنْ نَقْتُلَ الرَّهَائِنَ فَخَشِيَ الْقَوْمُ عَلَى رَهَائِنِهِمْ وَاسْتَشَارُوا كَعْبَ بْنَ أُسَيْدٍ الْقُرَظِيَّ فَقَالَ لَهُمْ: «يَا قَوْمُ امْنَعُوا دِيَارَكُمْ وَخَلُّوهُ يَقْتُلِ الْغِلْمَانَ فَمَا هِيَ إِلَّا لَيْلَةٌ يُصِيبُ أَحَدُكُمْ فِيهَا امْرَأَتَهُ حَتَّى يُولَدَ لَهُ مثل أحدهم» فَلَمَّا أَجَابَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ عَمْرًا بِأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ دِيَارَهُمْ عَدَا عَمْرٌو عَلَى الْغِلْمَانِ فَقَتَلَهُمْ فَلِذَلِكَ تَحَالَفَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ مَعَ الْأَوْسِ فَسَعَى الْخَزْرَجُ فِي مُحَالَفَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ مِنَ الْيَهُودِ وَبِذَلِكَ نَشَأَ قِتَالٌ بَيْنَ فِرَقِ الْيَهُودِ وَكَانَ بَيْنَهُمْ يَوْمَ بُعَاثٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ فَكَانَتِ الْيَهُودُ تَتَقَاتَلُ وَتُجْلِي الْمَغْلُوبِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ وَتَأْسِرُهُمْ، ثُمَّ لَمَّا ارْتَفَعَتِ الْحَرْبُ جَمَعُوا مَالًا وَفَدَوْا بِهِ أَسْرَى الْيَهُودِ الْوَاقِعِينَ فِي أَسْرِ أَحْلَافِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْأَوْسِ أَوِ الْخَزْرَجِ فَعَيَّرَتِ الْعَرَبُ الْيَهُودَ بِذَلِكَ وَقَالَتْ: كَيْفَ تُقَاتِلُونَهُمْ ثُمَّ تَفْدُونَهُمْ بِأَمْوَالِكُمْ فَقَالُوا: قَدْ حُرِّمَ عَلَيْنَا قِتَالُهُمْ وَلَكِنَّا نَسْتَحِي أَنْ نَخْذُلَ حُلَفَاءَنَا وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَفْدِيَ الْأَسْرَى فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ.
وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (86) .
الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْعَطْفِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ:
تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَقَعَ التَّوْبِيخُ عَلَيْهِ مِمَّا نُكِثَ فِيهِ الْعَهْدُ وَهُوَ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 589
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست