responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 533
الَّذِينَ انْتَسَبُوا إِلَى الْيَهُودِ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا. ثُمَّ صَارَ اسْمُ الْيَهُودِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُتَدَيِّنِينَ بَدِينِ التَّوْرَاةِ قَالَ تَعَالَى:
وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ [الْبَقَرَة: 113] الْآيَةَ وَيُقَالُ تَهَوَّدَ إِذَا اتَّبَعَ شَرِيعَةَ التَّوْرَاةِ
وَفِي الْحَدِيثِ: «يُولَدُ الْوَلَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ يَكُونُ أَبَوَاهُ هما اللَّذَان يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ»
. وَيُقَالُ هَادَ إِذَا دَانَ بِالْيَهُودِيَّةِ قَالَ تَعَالَى: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ [الْأَنْعَام: 146] . وَأما مَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [156] مِنْ قَوْلِ مُوسَى: إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ فَذَلِكَ بِمَعْنَى الْمَتَابِ.
وَأَمَّا النَّصَارَى فَهُوَ اسْمُ جمع نصرى (فتح فَسُكُونٍ) أَوْ نَاصِرِيٍّ نِسْبَةً إِلَى النَّاصِرَةِ وَهِيَ قَرْيَةٌ نَشَأَتْ مِنْهَا مَرْيَمُ أُمُّ الْمَسِيحِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَقَدْ خَرَجَتْ مَرْيَمُ مِنَ النَّاصِرَةِ قَاصِدَةً بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَوَلَدَتِ الْمَسِيحَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَلِذَلِكَ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَدْعُونَهُ يَشُوعَ النَّاصِرِيَّ أَوِ النَّصْرِيَّ فَهَذَا وَجْهُ تَسْمِيَةِ أَتْبَاعِهِ بِالنَّصَارَى.
وَأما قَوْله: وَالصَّابِئِينَ فَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى صِيغَة جمع صابىء بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ، وَقَرَأَهُ نَافِعٌ وَحْدَهُ بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ صَابٍ مَنْقُوصًا فَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ فَالصَّابِئُونَ لَعَلَّه جمع صابىء وصابىء لَعَلَّهُ اسْمُ فَاعِلِ صَبَأَ مَهْمُوزًا أَيْ ظَهَرَ وَطَلَعَ، يُقَالُ صَبَأَ النَّجْمُ أَيْ طَلَعَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ صَبَا يَصْبُو إِذَا مَالَ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْهَمْزِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ تَخْفِيفِ الْهَمْزِ فِي غَيْرِهَا تَخْفِيفٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَوَافُقُ الْقِرَاءَاتِ فِي الْمَعْنَى. وَزَعَمَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْإِفْرَنْجِ [1] أَنَّهُمْ سُمُّوا صَابِئَةً لِأَنَّ دِينَهُمْ أَتَى بِهِ قَوْمٌ مِنْ سَبَأٍ. وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ فَجَعَلُوهَا جَمْعَ صَابٍ مِثْلَ رَامٍ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ صَبَا يَصْبُو إِذَا مَالَ قَالُوا: لِأَنَّ أَهْلَ هَذَا الدِّينِ مَالُوا عَنْ كُلِّ دِينٍ إِلَى دِينِ عِبَادَةِ النُّجُومِ (وَلَوْ قِيلَ لِأَنَّهُمْ مَالُوا عَنْ أَدْيَانٍ كَثِيرَةٍ إِذِ اتَّخَذُوا مِنْهَا دِينَهُمْ كَمَا سَتَعْرِفُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) . وَقِيلَ إِنَّمَا خَفَّفَ نَافِعٌ هَمْزَةَ (الصَّابِينَ) فَجَعَلَهَا يَاءً مِثْلَ قِرَاءَته سَأَلَ سائِلٌ [المعارج: [1]] ، وَمِثْلُ هَذَا التَّخْفِيفِ سَمَاعِيٌّ لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِتَخْفِيفِ الْهَمْزِ الْمُتَحَرِّكِ بَعْدَ حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ.
وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ أَصْلَ كَلِمَةِ الصَّابِي أَوِ الصَّابِئَةِ أَوْ مَا تَفَرَّعَ مِنْهَا هُوَ لَفْظٌ قَدِيمٌ مِنْ لُغَةٍ عَرَبِيَّةٍ أَوْ سَامِيَّةٍ قَدِيمَةٍ هِيَ لُغَةُ عَرَبِ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ مِنَ الْعِرَاقِ وَفِي «دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ

[1] انْظُر جَدِيد لاروس باللغة الفرنسية. [.....]
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 533
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست