responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 481
الْعَرَبِ عَلَى مَعْنَى الْيَقِينِ كَثِيرٌ جِدًّا، قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ يَصِفُ صَيَّادًا رَمَى حِمَارَ وَحْشٍ بِسَهْمٍ [1] :
فَأَرْسَلَهُ مُسْتَيْقِنَ الظَّنِّ أَنَّهُ ... مُخَالِطُ مَا بَين الشرا سيف جَائِفُ
وَقَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بِأَلْفَيْ مُدَجَّجِ ... سَرَاتُهُمْ بِالْفَارِسِيِّ الْمُسَرَّجِ
فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ وَبَيْنَ الِاعْتِقَادِ الرَّاجِحِ.
وَالْمُلَاقَاةُ وَالرُّجُوعُ هُنَا مَجَازَانِ عَنِ الْحِسَابِ وَالْحَشْرِ أَوْ عَنِ الرُّؤْيَةِ وَالثَّوَابِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ اللِّقَاءِ- وَهُوَ تَقَارِبُ الْجِسْمَيْنِ، وَحَقِيقَةَ الرُّجُوعِ وَهُوَ الِانْتِهَاءُ إِلَى مَكَانٍ خَرَجَ مِنْهُ الْمُنْتَهِي- مُسْتَحِيلَةٌ هُنَا. وَالْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَخِ التَّعْرِيضُ بِالثَّنَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتَحْرِيضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى التَّهَمُّمِ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْمُؤْمِنِينَ وَعَلَى جَعْلِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ: وَاسْتَعِينُوا لِلْمُسْلِمِينَ يَكُونُ قَوْلُهُ: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ تَعْرِيضًا بِغَيْرِهِمْ مِنَ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ.
وَالْمُلَاقَاةُ مُفَاعَلَةٌ مَنْ لَقِيَ، وَاللِّقَاءُ الْحُضُورُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [الْبَقَرَة: 37] وَالْمُرَادُ هُنَا الْحُضُورُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِلْحِسَابِ أَيِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلٌ لَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ [الْبَقَرَة: 223] فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَفِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [31] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ.
[47]

[1] أَوْس بن حجر- بحاء مُهْملَة وجيم مفتوحتين، ويغلط من يضم حاءه ويسكن جيمه- وَهُوَ من فحول شعراء بني تَمِيم فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ فَحل مُضر قبل النَّابِغَة وَزُهَيْر، فَلَمَّا نبغ زُهَيْر والنابغة أخملاه. وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة أَولهَا:
تنكر بعدِي من أُمَيْمَة صَائِف ... فبرك فأعلى تولب فالمخالف
وصائف وبرك وتولب والمخالف أَسمَاء بقاع، وَقد ذكر فِي أَثْنَائِهَا وصف الصياد لحِمَار الْوَحْش فَقَالَ:
فأمهله حَتَّى إِذا أَن كأنّه ... معاطي يَد من جمة المَاء غارف
فسيّر سَهْما راشه بمناكب ... لؤام ظِهَار فَهُوَ أعجف شائف
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 481
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست