responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 468
الْأَذَانِ وَعَلَى الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ مَعًا وَأَمَّا عَلَى الصَّلَاةِ وَحْدَهَا فَكَرِهَهُ مَالِكٌ، قَالَ ابْنُ شَاسٍ جَازَتْ عَلَى الْأَذَانِ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ أَمَّا جَمْعُهُ مَعَ الصَّلَاةِ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْأَذَانِ فَقَطْ، وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْإِجَارَةَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَكَلَّفَ الصَّلَاةَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَرَوَى أَشْهَبٌ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِالْأَجْرِ عَلَى تَرَاوِيحِ رَمَضَانَ وَكَرِهَهُ فِي الْفَرِيضَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَفِي «الدُّرَرِ» وَيُفْتَى الْيَوْمَ بِصِحَّتِهَا لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَيُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ وَيُحْبَسُ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالْمِائَةِ: وَلَا يَجُوزُ فِي إِمَامَةِ الصَّلَاةِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُكَايَسَةٍ مِنَ الْمُعَاوَضَاتِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ الْعِوَضَانِ فِيهَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ أَجْرَ الصَّلَاةِ لَهُ فَإِذَا أَخَذَ عَنْهَا عِوَضًا اجْتَمَعَ لَهُ العوضان اهـ. وَهُوَ تَعْلِيلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَاهٍ قَدَّمَهُ فِي الْفَرْقِ الرَّابِعَ عَشَرَ وَالْمِائَةِ عَلَى أَنَّ فِي كَوْنِهِ مِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ الْأَصْلِ نَظَرًا لَا نُطِيلُ فِيهِ فَانْظُرْهُ فَقَدْ نَبَّهْتُكَ إِلَيْهِ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ الْمَنْقُولَةَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ قَدْ حَدَثَتْ بَيْنَ ابْنِ عَرَفَةَ وَالدَّكَّالِيِّ وَهِيَ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى تُونُسَ فِي حُدُودِ سَنَةِ سَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ رَجُلٌ زَاهِدٌ مِنَ الْمَغْرِبِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ الدَّكَّالِيُّ فَكَانَ لَا يُصَلِّي مَعَ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَشْهَدُ الْجُمْعَةَ مُعْتَلًّا بِأَنَّ أَئِمَّةَ تُونُسَ يَأْخُذُونَ الْأُجُورَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَذَلِكَ جُرْحَةٌ فِي فَاعِلِهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَاعَ أَمْرُهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَحَدَثَ خِلَافٌ بَيْنَ النَّاسِ فَخَرَجَ إِلَى الْمَشْرِقِ فَارًّا بِنَفْسِهِ وَبَلَغَ أَنَّهُ ذَهَبَ لِمِصْرَ فَكَتَبَ ابْنُ عَرَفَةَ إِلَى أَهْلِ مِصْرَ أَبْيَاتًا هِيَ:
يَا أَهْلَ مِصْرَ وَمَنْ فِي الدِّينِ شَارَكَهُمْ ... تَنَبَّهُوا لِسُؤَالٍ مُعْضِلٍ نَزَلَا

لُزُومُ فِسْقِكِمُ أَوْ فِسْقِ مَنْ زَعَمَتْ ... أَقْوَالُهُ أَنَّهُ بِالْحَقِّ قَدْ عَمِلَا

فِي تَرْكِهِ الْجُمَعَ وَالْجُمَعَاتِ خَلْفَكُمُ ... وَشَرْطُ إِيجَابِ حُكْمِ الْكُلِّ قَدْ حَصَلَا

إِنْ كَانَ شَأْنُكُمُ التَّقْوَى فَغَيْرُكُمُ ... قَدْ بَاءَ بِالْفِسْقِ حَتَّى عَنْهُ مَا عَدَلَا

وَإِنْ يَكُنْ عَكْسُهُ فَالْأَمْرُ مُنْعَكِسٌ ... قُولُوا بِحَقٍّ فَإِنَّ الْحَقَّ مَا اعْتُزِلَا
فَيُقَالُ إِنَّ أَهْلَ مِصْرَ أَجَابُوهُ بِأَبْيَاتٍ مِنْهَا:
مَا كَانَ مِنْ شِيَمِ الْأَبْرَارِ أَنْ يَسِمُوا ... بِالْفِسْقِ شَيْخًا عَلَى الْخَيْرَاتِ قَدْ جبلا

لَا لَا وَلَكِنْ إِذَا مَا أَبْصَرُوا خَلَلًا ... كَسَوْهُ مِنْ حُسْنِ تَأْوِيلَاتِهِمْ حُلَلَا

أَلَيْسَ قَدْ قَالَ فِي «الْمِنْهَاجِ» صَاحِبُهُ ... يَسُوغُ ذَاكَ لِمَنْ قَدْ يَخْتَشِي زَلَلَاُُُُ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 468
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست