responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 463
وَبِهَذَا كُلِّهِ يَتَّضِحُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ لَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ بِحَيْثُ يُفِيدُ عَدَمُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَكُونُوا ثَانِيَ كَافِرٍ أَوْ ثَالِثَ كَافِرٍ بِسَبَبِ الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ وَأَنَّ أَوَّلَ كَافِرٍ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ الْمُلَازِمِ حَتَّى يَسْتَوِيَ فِي نَفْيِ مَوْصُوفِهِ أَنْ يُذْكَرَ الْوَصْفُ وَأَنْ لَا يُذْكَرَ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
على لَا حب لَا يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ وَقَوْلِ ابْنِ أَحْمَرَ:
وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرْ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا عَقِبَ هَذَا.
وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا.
عَطْفٌ عَلَى النَّهْيِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهَذَا النَّهْيُ مُوَجَّهٌ إِلَى عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمُ الْقُدْوَةُ
لِقَوْمِهِمْ وَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّ الَّذِي صَدَّهُمْ عَنْ قَبُولِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ هُوَ خَشْيَتُهُمْ أَنْ تَزُولَ رِئَاسَتُهُمْ فِي قَوْمِهِمْ فَكَانُوا يَتَظَاهَرُونَ بِإِنْكَارِ الْقُرْآنِ لِيَلْتَفَّ حَوْلَهُمْ عَامَّةُ قَوْمِهِمْ فَتَبْقَى رِئَاسَتُهُمْ عَلَيْهِمْ،
قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ لَآمَنَ بِيَ الْيَهُودُ كُلُّهُمْ» .
وَالِاشْتِرَاءُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى [الْبَقَرَة: 16] وَهُوَ اعْتِيَاضُ أَعْيَانٍ بِغَيْرِهَا مِثْلِهَا أَوْ ثَمَنِهَا مِنَ النَّقْدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا كَأَوْرَاقِ الْمَالِ وَالسَّفَاتِجِ وَقَدِ اسْتُعِيرَ الِاشْتِرَاءُ هُنَا لِاسْتِبْدَالِ شَيْءٍ بِآخِرَ دُونَ تَبَايُعٍ.
وَالْآيَاتُ جَمْعُ آيَةٍ وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الْعَلَامَةُ عَلَى الْمَنْزِلِ أَوْ عَلَى الطَّرِيقِ قَالَ النَّابِغَةُ:
تَوَهَّمْتُ آيَاتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا ... لِسِتَّةِ أَعْوَامٍ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ
ثُمَّ أُطْلِقَتِ الْآيَةُ عَلَى الْحُجَّةِ لِأَنَّ الْحُجَّةَ عَلَامَةٌ عَلَى الْحَقِّ قَالَ الْحَارِثُ ابْن حِلِّزَةَ:
مَنْ لَنَا عِنْدَهُ من الْخَيْر يَا ... ت ثَلَاثٌ فِي كُلِّهِنَّ الْقَضَاءُ
وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ مُعْجِزَةُ الرَّسُولِ آيَةً كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ [النَّمْل: 12] وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ [الْأَعْرَاف: 203] ، وَأُطْلِقَتْ أَيْضًا عَلَى الْجُمْلَةِ التَّامَّةِ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ [آل عمرَان: 7]
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَمَا تَكْفِيكَُُ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 463
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست