responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 417
الْخِطَابُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَكُونَ مَسُوقًا إِلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ عَقِبَ ذَلِكَ: قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.
وَابْتِدَاءُ خِطَابِ آدَمَ بِنِدَائِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ بَعِيدٍ عَنْ سَمَاعِ الْأَمْرِ الْإِلَهِيِّ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ آدَمَ وَإِظْهَارِ اسْمِهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى حَتَّى ينَال بذلك حُسْنَ السُّمْعَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّكْرِيمِ عِنْدَ الْآمِرِ لِأَنَّ شَأْنَ الْآمِرِ وَالْمُخَاطِبِ- بِالْكَسْرِ- إِذَا تَلَطَّفَ مَعَ الْمُخَاطَبِ- بِالْفَتْحِ- أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُ وَلَا يَقْتَصِرَ عَلَى ضَمِيرِ الْخِطَابِ حَتَّى لَا يُسَاوِيَ بِخِطَابِهِ كُلَّ خِطَابٍ، وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ سُجُودِ النَّبِيءِ وَحَمْدِهِ اللَّهَ بِمَحَامِدَ يُلْهِمُهُ إِيَّاهَا
فَيَقُولُ: «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ»
وَهَذِهِ نُكْتَةُ ذِكْرِ الِاسْمِ حَتَّى فِي أَثْنَاءِ الْمُخَاطَبَةِ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَفَاطِمُ مَهْلًا بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ

وَرُبَّمَا جَعَلُوا النِّدَاءَ طَرِيقًا إِلَى إِحْضَارِ اسْمِهِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِإِحْضَارِهِ عِنْدَ الْمُخَاطَبَةِ إِلَّا بِوَاسِطَةِ النِّدَاءِ فَالنِّدَاءُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ.
فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ.
الْإِنْبَاءُ إِخْبَارُهُمْ بِالْأَسْمَاءِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ بِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ شَيْءٌ مُهِمٌّ. وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْإِضَافَةِ ضَمِيرُ الْمُسَمَّيَاتِ مِثْلُ ضَمِيرِ عَرَضَهُمْ، وَفِي إِجْرَائِهِ عَلَى صِيغَةِ ضَمَائِرِ الْعُقَلَاءِ مَا قَرَّرَ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ عَرَضَهُمْ [الْبَقَرَة: 31] .
وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ الضَّمِيرُ فِي (أَنْبَأَ) لِآدَمَ وَفِي (قَالَ) ضَمِيرُ اسْمِ الْجَلَالَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْتَ بِفَاعِلِهِ اسْمًا ظَاهِرًا مَعَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى غَيْرِ مَنْ هَوَ لَهُ أَيْ عَقِبَ ضَمَائِرِ آدَمَ فِي قَوْلِهِ: أَنْبِئْهُمْ وأَنْبَأَهُمْ لِأَنَّ السِّيَاقَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَصْدُرُ مِنْ مِثْلِ آدَمَ.
قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.
جَوَابُ (لَمَّا) وَالْقَائِلُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ [الْبَقَرَة:
30] وَعَادَتْ إِلَيْهِ ضَمَائِرُ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ [الْبَقَرَة: 30] وعَلَّمَ [الْبَقَرَة: 31] وعَرَضَهُمْ وَمَا قَبْلَهُ مِنَ الضَّمَائِرِ وَهُوَ تَذْكِيرٌ لَهُمْ بِقَوْلِهِ لَهُمْ فِي أَوَّلِ الْمُحَاوَرَةِ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَذَلِكَ الْقَوْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ: أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست