responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 37
قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : وَكَمْ مِنْ آيَةٍ أُنْزِلَتْ فِي شَأْنِ الْكَافِرِينَ وَفِيهَا أَوْفَرُ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِينَ تَدَبُّرًا لَهَا وَاعْتِبَارًا بِمَوْرِدِهَا. يَعْنِي أَنَّهَا فِي شَأْنِ الْكَافِرِينَ مِنْ دَلَالَةِ الْعِبَارَةِ وَفِي شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ دَلَالَةِ الْإِشَارَةِ.
هَذَا وَإِنَّ وَاجِبَ النُّصْحِ فِي الدِّينِ وَالتَّنْبِيهِ إِلَى مَا يَغْفُلُ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ مِمَّا يَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدُ اللَّهِ عَظِيمٌ قَضَى عَلَيَّ أَنْ أُنَبِّهَ إِلَى خَطَرِ أَمْرِ تَفْسِيرِ الْكِتَابِ وَالْقَوْلِ فِيهِ دُونَ مُسْتَنَدٍ مِنْ نَقْلٍ صَحِيحٍ عَنْ أَسَاطِينِ الْمُفَسِّرِينَ أَوْ إِبْدَاءِ تَفْسِيرٍ أَوْ تَأْوِيلٍ مِنْ قَائِلِهِ إِذَا كَانَ الْقَائِلُ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الضَّلَاعَةِ فِي الْعُلُومِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ. فَقَدْ رَأَيْنَا تَهَافُتَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ عَلَى الْخَوْضِ فِي تَفْسِيرِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَصَدَّى لِبَيَانِ مَعْنَى الْآيَاتِ عَلَى طَرِيقَةِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَضَعُ الْآيَةَ ثُمَّ يَرْكُضُ فِي أَسَالِيبِ الْمَقَالَاتِ تَارِكًا مَعْنَى الْآيَةِ جَانِبًا، جَالِبًا مِنْ مَعَانِي الدَّعْوَةِ وَالْمَوْعِظَةِ مَا كَانَ جَالِبًا، وَقَدْ دَلَّتْ شَوَاهِدُ الْحَالِ عَلَى ضَعْفِ كِفَايَةِ الْبَعْضِ لِهَذَا الْعَمَلِ الْعِلْمِيِّ الْجَلِيلِ فَيَجِبُ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَهُ، وَأَنْ لَا يَتَعَدَّى طَوْرَهُ، وَأَنْ يَرُدَّ الْأَشْيَاءَ إِلَى أَرْبَابِهَا، كَيْ لَا يَخْتَلِطَ الْخَاثِرُ بِالزُّبَّادِ، وَلَا يَكُونَ فِي حَالِكِ سَوَادٍ، وَإِنَّ سُكُوتَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الْوَرْطَةِ، وَإِفْحَاشٌ لِأَهْلِ هَذِهِ الْغَلْطَةِ، فَمَنْ يَرْكَبُ مَتْنَ عَمْيَاءَ، وَيَخْبِطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ، فَحَقٌّ عَلَى أَسَاطِينِ الْعِلْمِ تَقْوِيمُ اعْوِجَاجِهِ، وَتَمْيِيزُ حُلْوِهِ مِنْ أُجَاجِهِ، تَحْذِيرًا لِلْمُطَالِعِ، وَتَنْزِيلًا فِي الْبُرْجِ وَالطَّالِعِ.

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست