responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 27
تَنْبِيهٌ:
اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنِ اسْتِمْدَادِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ آيَاتٍ، وَلَا مَا يُرْوَى عَنِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّفْسِيرِ لَا مِنْ مَدَدِهِ، وَلَا يُعَدُّ أَيْضًا مِنِ اسْتِمْدَادِ التَّفْسِيرِ مَا فِي بَعْضِ آيِ الْقُرْآنِ مِنْ مَعْنًى يُفَسِّرُ بَعْضًا آخَرَ مِنْهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ حَمْلِ بَعْضِ الْكَلَامِ عَلَى بَعْضٍ، كَتَخْصِيصِ الْعُمُومِ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَبَيَانِ الْمُجْمَلِ وَتَأْوِيلِ الظَّاهِرِ وَدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ وَفَحْوَى الْخِطَابِ وَلَحْنِ الْخِطَابِ وَمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ.
ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» ، فِي حَرْفِ لَا، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ، أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلِهَذَا يُذْكَرُ الشَّيْءُ فِي سُورَةٍ وَجَوَابُهُ فِي سُورَةٍ أُخْرَى، نَحْوَ:
وَقالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ [الْحجر: 6] وَجَوَابُهُ: مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ [الْقَلَم: 2] هـ. وَهَذَا كَلَامٌ لَا يَحْسُنُ إِطْلَاقُهُ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ يُحْمَلُ بَعْضُ آيَاتِهِ
عَلَى بَعْضٍ وَقَدْ يَسْتَقِلُّ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ، إِذْ لَيْسَ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ مَقْصُودًا فِي جَمِيعِ نَظَائِرِهَا، بَلْهَ مَا يُقَارِبُ غَرَضَهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِمْدَادَ عِلْمِ التَّفْسِيرِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَادِّ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ رَأْسَ الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّ كَوْنَهُ رَأْسَ الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَصْلٌ لِعُلُومِ الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ فَأَمَّا اسْتِمْدَادُهُ مِنْ بَعْضِ الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَذَلِكَ اسْتِمْدَادٌ لِقَصْدِ تَفْصِيلِ التَّفْسِيرِ عَلَى وَجْهٍ أَتَمَّ مِنَ الْإِجْمَالِ، وَهُوَ أَصْلٌ لِمَا اسْتُمِدَّ مِنْهُ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ.

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست