responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 25
فَعُذْرُ الْمَاضِينَ بِأَنَّهُمْ لَقُوا اللَّهَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ عَلَيْهِمُ الْخَمْرُ، وَحُجَّةٌ عَلَى الْبَاقِينَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [الْمَائِدَة: 90] ، ثُمَّ قَرَأَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ الْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَأَحْسَنُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَى أَنْ يُشْرَبَ الْخَمْرُ، قَالَ عُمَرُ صَدَقْتَ. الْحَدِيثَ» .
وَتَشْمَلُ الْآثَارُ إِجْمَاعَ الْأُمَّةِ عَلَى تَفْسِيرِ مَعْنًى، إِذْ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ كَإِجْمَاعِهِمْ
عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْأُخْتِ فِي آيَةِ الْكَلَالَةِ الْأُولَى هِيَ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي سُورَةِ الْجُمُعَةِ هِيَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْلُومَاتُ بِالضَّرُورَةِ كُلُّهَا كَكَوْنِ الصَّلَاةِ مُرَادًا مِنْهَا الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ دُونَ الدُّعَاءِ، وَالزَّكَاةِ الْمَالُ الْمَخْصُوصُ الْمَدْفُوعُ.
وَأَمَّا الْقِرَاءَاتُ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا إِلَّا فِي حِينِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى تَفْسِيرِ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي مَعْنَى التَّرْجِيحِ لِأَحَدِ الْمَعَانِي الْقَائِمَةِ مِنَ الْآيَةِ أَوْ لِاسْتِظْهَارٍ عَلَى الْمَعْنَى، فَذِكْرُ الْقِرَاءَةِ كَذِكْرِ الشَّاهِدِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً، فَلَا جَرَمَ أَنَّهَا تَكُونُ حُجَّةً لُغَوِيَّةً، وَإِنْ كَانَتْ شَاذَّةً فَحُجَّتُهَا لَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ، لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ صَحِيحَةَ الرِّوَايَةِ، وَلَكِنْ مِنْ حَيْثُ أَنَّ قَارِئَهَا مَا قَرَأَ بِهَا إِلَّا اسْتِنَادًا لِاسْتِعْمَالٍ عَرَبِيٍّ صَحِيحٍ، إِذْ لَا يَكُونُ الْقَارِئُ مُعْتَدًّا بِهِ إِلَّا إِذَا عُرِفَتْ سَلَامَةُ عَرَبِيَّتِهِ، كَمَا احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ [الْفَاتِحَة: 2] أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ بِقِرَاءَةِ هَارُونَ الْعَتَكِيِّ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِالنَّصْبِ كَمَا فِي «الْكَشَّافِ» وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تُعَدُّ تَفْسِيرًا مِنْ حَيْثُ هِيَ طَرِيقٌ فِي أَدَاءِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، بَلْ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا شَاهِدٌ لُغَوِيٌّ فَرَجَعَتْ إِلَى عِلْمِ اللُّغَةِ.
وَأَمَّا أَخْبَارُ الْعَرَبِ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَدَبِهِمْ وَإِنَّمَا خَصَصْتُهَا بِالذِّكْرِ تَنْبِيهًا لِمَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهَا مِنَ اللَّغْوِ فَهِيَ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى فَهْمِ مَا أَوْجَزَهُ الْقُرْآنُ فِي سَوْقِهَا لِأَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا يَذْكُرُ الْقِصَصَ وَالْأَخْبَارَ لِلْمَوْعِظَةِ وَالِاعْتِبَارِ، لَا لِأَنْ يَتَحَادَثَ بِهَا النَّاسُ فِي الْأَسْمَارِ، فَبِمَعْرِفَةِ الْأَخْبَارِ يُعْرَفُ مَا أَشَارَتْ لَهُ الْآيَاتُ مِنْ دَقَائِقِ الْمَعَانِي، فَنَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً [النَّحْل: 92] وَقَوْلِهِ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ [البروج: 4] يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ أَخْبَارِهِمْ عِنْدَ الْعَرَبِ.
وَأَمَّا أُصُولُ الْفِقْهِ فَلَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ مَادَّةِ التَّفْسِيرِ، وَلَكِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ أَحْكَامَ الْأَوَامِرِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست