responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 207
فَوَائِدِ الْكِتَابَةِ لِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ حَالَةِ الْأُمِّيَّةِ، وَأَرْجَحُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ هُوَ أَوَّلُهَا، فَإِنَّ الْأَقْوَالَ الثَّانِيَ وَالسَّابِعَ وَالثَّامِنَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ يُبْطِلُهَا أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ لَوْ كَانَتْ مُقْتَضَبَةً مِنْ أَسْمَاءٍ أَوْ كَلِمَاتٍ لَكَانَ حَقٌّ أَنْ يُنْطَقَ بِمُسَمَّيَاتِهَا لَا بِأَسْمَائِهَا لِأَنَّ رَسْمَ الْمُصْحَفِ سُنَّةٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَشْمَلُ لِلْأَقْوَالِ.
وَعُرِفَتِ اسْمِيَّتُهَا مِنْ دَلِيلَيْنِ: أَحَدُهُمَا اعْتِوَارُ أَحْوَالِ الْأَسْمَاءِ عَلَيْهَا مِثْلَ التَّعْرِيفِ حِينَ تَقُولُ: الْأَلِفُ، وَالْبَاءُ، وَمِثْلُ الْجَمْعِ حِينَ تَقُولُ الْجِيمَاتُ، وَحِينَ الْوَصْفِ حِينَ تَقُولُ أَلِفٌ مَمْدُودَةٌ وَالثَّانِي مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي «كِتَابِهِ» : قَالَ الْخَلِيلُ يَوْمًا وَسَأَلَ أَصْحَابَهُ كَيْفَ تَلْفِظُونَ بِالْكَافِ الَّتِي فِي لَكَ وَالْبَاءِ الَّتِي فِي ضَرْبٍ فَقِيلَ نَقُولُ كَافْ، بَاءْ، فَقَالَ إِنَّمَا جِئْتُمْ بِالِاسْمِ وَلَمْ تَلْفِظُوا بِالْحَرْفِ وَقَالَ أَقُولُ كِهِ، وَبِهِ (يَعْنِي بِهَاءٍ وَقَعَتْ فِي آخِرِ النُّطْقِ بِهِ لِيَعْتَمِدَ عَلَيْهَا اللِّسَانُ عِنْد النُّطْق إِذْ أبقيت عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ لَا يَظْهَرُ فِي النُّطْقِ بِهِ مُفْرَدًا) .
وَالَّذِي يُسْتَخْلَصُ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ بَعْدَ حَذْفِ مُتَدَاخِلِهِ وَتَوْحِيدِ مُتَشَاكِلِهِ يُؤَوَّلُ إِلَى وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ قَوْلًا وَلِشِدَّةِ خَفَاءِ الْمُرَادِ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ لَمْ أَرَ بُدًّا مِنَ اسْتِقْصَاءِ الْأَقْوَالِ عَلَى أَنَّنَا نَضْبِطُ انْتِشَارَهَا بِتَنْوِيعِهَا إِلَى ثَلَاثَة أَنْوَاع:
ة النَّوْعُ الْأَوَّلُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّهَا رُمُوزٌ اقْتُضِبَتْ مِنْ كَلِمٍ أَوْ جُمَلٍ، فَكَانَتْ أَسْرَارًا يَفْتَحُ غَلْقَهَا مَفَاتِيحُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا النَّوْعِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهَا عِلْمٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَنُسِبَ هَذَا إِلَى الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي رِوَايَاتٍ ضَعِيفَةٍ وَلَعَلَّهُمْ يُثْبِتُونَ إِطْلَاعَ اللَّهِ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْهَا رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَسُفْيَانُ. وَالثَّانِي أَنَّهَا حُرُوفٌ مُقْتَضَبَةٌ مِنْ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ لِلَّهِ تَعَالَى الْمُفْتَتَحَةُ بِحُرُوفٍ مُمَاثِلَةٍ لِهَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقُرَظِيِّ أَوِ الرَّبِيعُ بن أنس فألم مَثَلًا الْأَلِفُ إِشَارَةٌ إِلَى أَحَدٍ أَوْ أَوَّلٍ أَوْ أَزَلِيٍّ، وَاللَّامُ إِلَى لَطِيفٍ، وَالْمِيمُ إِلَى مَلِكٍ أَوْ مَجِيدٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا يُحْتَاجُ فِي بَيَانِهَا إِلَى تَوْقِيفٍ وَأَنَّى لَهُمْ بِهِ.
الثَّالِثُ أَنَّهَا رُمُوزٌ لِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَاءِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَلَائِكَة فألم مَثَلًا، الْأَلِفُ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّامُ مِنْ جِبْرِيلَ، وَالْمِيمُ مِنْ مُحَمَّدٍ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيفٍ فِي كُلِّ فَاتِحَةٍ مِنْهَا، وَلَعَلَّنَا سَنُنَبِّهُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ.
الرَّابِعُ جزم الشَّيْخ مُحي الدِّينِ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالتِّسْعِينَ وَالْمِائَةِ فِي الْفَصْلِ 27 مِنْهُ مِنْ كِتَابِهِ «الْفُتُوحَاتِ» أَنَّ هَاتِهِ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ فِي أَوَائِلِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست