responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 201
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

2- سُورَةُ الْبَقَرَةِ
كَذَا سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي الْمَرْوِيِّ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَرَى فِي كَلَامِ السَّلَفِ، فَقَدْ
وَرَدَ فِي «الصَّحِيحِ» أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ كَفَتَاهُ»
،
وَفِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: «لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا قَرَأَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ» .
وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا أَنَّهَا ذُكِرَتْ فِيهَا قِصَّةُ الْبَقَرَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِذَبْحِهَا لِتَكُونَ آيَةً وَوَصَفَ سُوءَ فَهْمِهِمْ لِذَلِكَ، وَهِيَ مِمَّا انْفَرَدَتْ بِهِ هَذِهِ السُّورَةُ بِذِكْرِهِ، وَعِنْدِي أَنَّهَا أُضِيفَتْ إِلَى قِصَّةِ الْبَقَرَةِ تَمْيِيزًا لَهَا عَنِ السُّورِ ال الم مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا رُبَّمَا جَعَلُوا تِلْكَ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ أَسْمَاءً لِلسُّوَرِ الْوَاقِعَةِ هِيَ فِيهَا وَعَرَّفُوهَا بِهَا نَحْوَ: طه، وَيس، وص وَفِي الِاتِّفَاقِ
عَنِ «الْمُسْتَدْرك» أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا سَنَامُ الْقُرْآنِ»
وَسَنَامُ كُلِّ شَيْءٍ أَعْلَاهُ وَهَذَا لَيْسَ عَلَمًا لَهَا وَلَكِنَّهُ وَصْفُ تَشْرِيفٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ إِنَّهَا فُسْطَاطُ الْقُرْآنِ وَالْفُسْطَاطُ مَا يُحِيطُ بِالْمَكَانِ لِإِحَاطَتِهَا بِأَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ.
نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ بِالْمَدِينَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَهِيَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ فِي الْمَدِينَةِ، وَحَكَى ابْنُ حَجَرٍ فِي «شَرْحِ الْبُخَارِيِّ» الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ نَزَلَتْ سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ قَبْلَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْمُطَفِّفِينَ مَدَنِيَّةٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِيهَا فَرْضُ الصِّيَامِ، وَالصِّيَامُ فُرِضَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ، فُرِضَ فِيهَا صَوْمُ عَاشُورَاءَ ثُمَّ فُرِضَ صِيَامُ رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ سَبْعَ رَمَضَانَاتٍ أَوَّلُهَا رَمَضَانُ مِنَ الْعَامِ الثَّانِي مِنَ الْهِجْرَةِ، فَتَكُونُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ نَزَلَتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ فِي أَوَاخِرِهَا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ «مَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ» (تَعْنِي النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَكَانَ بِنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى عَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ الْأُولَى لِلْهِجْرَةِ، وَقِيلَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ
الثَّانِيَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا مَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ فَتُوُفِّيَ وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ، إِلَّا أَنَّ اشْتِمَالَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَعَلَى أَحْكَامِ الْقِتَالِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ والبلد الْحَرَام ينبىء بِأَنَّهَا اسْتَمَرَّ نُزُولُهَا إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَسَنَةِ سِتٍّ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ عِنْدَ آيَةِ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [الْبَقَرَة: 196]

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست