responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 94
قال الحقّ جلّ وعلا: إِنِّي أَعْلَمُ..... ما لا تَعْلَمُونَ فإني أعلم أنه يكون منهم رسل وأنبياء وأولياء، ومن يكون مثلكم أو أعظم منكم، ولما ألقى الخليل في النار ضجت الملائكة وقالت: «يا رب هذا خليلك يحرق بالنار» .
فقال لهم: «إن استغاث بكم فأغيثوه» . فلما رفع همَّتَه عنهم قال الحق تعالى: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تعلمون.
ثم وَجَّهَ الحق تعالى استحقاقه للخلافة وهو تشريفه بالعلم، فقال: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها، أي: مسميات الأسماء بأن ألقى في رُوعه ما تحتاج إليه ذريته من اللغات والحروف، وخواص الأشياء ومنافعها، ثم عرض تلك المسميات على الملائكة، إظهاراً لعجزهم، وتشريفاً لآدم بالعلم، فَقالَ: أخبروني بِأَسْماءِ هؤُلاءِ المسميات إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في ادعائكم استحقاق الخلافة، فلما عجزوا عن معرفة تلك الأسماء قالُوا سُبْحانَكَ أي: تنزيهاً لك عن العبث، لا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ بكل شيء، الْحَكِيمُ لإتقانك كل شيء، وهذا اعتراف منهم بالقصور والعجز، وإشعار بأن سؤالهم كان استفهاماً وطلباً لتفسير ما أشكل عليهم، ولم يكن اعتراضاً.
قال الحق جلّ جلاله: يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ، وعيِّن لهم اسم كل مسمى، فلما أخبرهم بذلك بحيث قال مثلاً: هذا فرس وهذا جمل، وعين ذلك لهم، وظهرت ميزته عليهم بالعلم حتى استحق الخلافة، قال الحقّ تعالى: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي: ما غاب، وأعلم ما تظهرونه من قولكم:
أَتَجْعَلُ فِيها.. الخ، وما تكتمونه من استحقاقكم الخلافة، وقولكم: لن يخلق الله تعالى أحداً أعلم منا لتقدمنا، والفضل لمن صدق لا لمن سبق.
قال البيضاوي: اعلم أن هذه الآيات تدل على شرف الإنسان، ومزية العلم وفضله على العبادة، وأنه شرط في الخلافة، بل العمدة فيها، وأن التعليم يصح إطلاقه عليه تعالى، وإن لم يصح إطلاق المعلم عليه لاختصاصه بمن يحترف به، وأن اللغات توقيفية- علمها الله بالوحي-، وأن آدم عليه السلام أفضل من هؤلاء الملائكة لأنه أعلم منهم، والأعلم أفضل لقوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ، وأن الله يعلم الأشياء قبل حدوثها. هـ. باختصار.
وقال في تفسير الملائكة: إنهم أجسام لطيفة قادرة على التشكل، وهي منقسمة على قسمين: قسم شأنهم الاستغراق في معرفة الحق والتنزه عن الاشتغال بغيره، - وهم العليِّون، والملائكة المقربون- وقسم يدبرون الأمر مِنَ

اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست