responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 578
قلت: (الذين) : صفة المنافقين، أو نصب على الذم، و (نستحوذ) : نغلب، استحوذ: غلب، جاء على أصله، ولم يُعلّ كاستعاذ والقياس: استحاذ، يستحيذ، كاستعاذ يستعيذ، لكنه صحح تنبيهًا على الأصل.
يقول الحق جلّ جلاله: إِنَّ اللَّهَ سيجمع الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ، أي: الخائضين والقاعدين معهم، فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً خالدين فيها. الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ أي: ينتظرون بكم الدوائر، أي: ما يدور به الزمان والدهر عليكم، وهم المنافقون، فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ كالنصر والغنيمة قالُوا للمؤمنين: أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ على دينكم، فأعطونا مما غنمتم، وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ دولة أو ظهور على المسلمين، قالُوا لهم: أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ أي: نغلبكم ونتمكن من قتلكم، وأبقينا عليكم فمنعناكم من قتل المسلمين لكم، بأن خذلناهم بتخييل ما ضعُفت به عزيمتهم عليكم، وتوانينا في مظاهرتهم عليكم، فأشركُونا مما أصبتم. وإنما سمي ظفر المسلمين فتحًا، وظفر الكافرين نصيبًا لخسة حظه، فإنه حظ دنياوي، استدراجًا ومكرًا، بخلاف ظفر المسلمين، فإنه إظهار الدين، وإعانة بالغنيمة للمسلمين.
فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فيدخل أهل الحق الجنة، ويدخل أهل الخوض النار، وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا أي: حجة، أو غلبة في الدنيا والآخرة، وفيه دليل على عدم صحة ملك الكافر للمسلم، فيباع عليه إن اشتراه، ويفسخ نكاحه إن تزوج مسلمة. والله تعالى أعلم الإشارة: (المرء مع مَن أحب) من أحب قوما حشر معهم، فمن أحب أهل الخوض حُشر مع الخائضين، ومن أحب أهل الصفا حشر مع المخلصين، وإن كان مذبذبًا يميل مع كل ريح حشر مع المخلطين، وهو من خف عقله وضعف يقينه، إن رأى بأهل النسبة من الفقراء عزًا ونصرًا وفتحًا انحاز إليهم، وقال: ألم نكن معكم، وإن رأى لأهل الإنكار من العوام صولة وغلبة رجع إليهم، وقال: ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من دعاء الصالحين عليكم، فما لهذا عند الله من خلاق. وفي الحديث: «ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيهًا» . فالله يحكم بينهم يوم القيامة، فيرفع أهل الصفا مع المقربين، ويسقط أهل الخوض مع الخائضين، وليس لأهل الخوض من أهل الإنكار سبيل ولا حجة على أهل الصفا من الأبرار، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ.
ثم ذكر أحوالهم الشنيعة، فقال:

[سورة النساء (4) : الآيات 142 الى 143]
إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لآَ إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)

اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 578
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست