responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 414
الصادق في الطلب من الكاذب، فإن محبة الله مقرونة بالبلاء، وليتخذ منهم شهداء إن ماتوا على ذلك، كالحلاج وغيره، أو يتخذ منهم شهداء الملكوت إن صبروا حتى ظفروا بالشهود. (والله لا يحب الظالمين) أي: المؤذين لأوليائه، بل يمقتهم ويبعدهم.
(وليمحص الله الذين آمنوا) بطريق الخصوص، أي: يخلصهم من بقايا الحس، سلط عليهم الناس، وليَمحق المنكرين عليهم بما يصيبهم من إيذايتهم، فإن المنكر على أهل النسبة كمن يدخل يده في الغيران [1] ، فإذا سلم من الأول والثاني، قال: لا يلحقني منهم شيء، فإذا أدخل يده في غار آخر لدغته حية فأهلكته.
أم حسبتم يا معشر المريدين أن تدخلوا جنة المعارف، ولما يعلم الله الذين جاهدوا نفوسهم، ويعلم الصابرين على إيذاية من آذاهم، ولقد كنتم تمنون موت نفوسكم وتطلبون ما يعينكم على موتها من قبل أن تلقوا الجلال، فقد رأيتموه وعاينتموه وأنتم تنظرون ما أصاب الأولياء غيركم، فما لكم تجزعون منه وتفرون من مواطنه؟. وكان شيخ شيوخنا رضي الله عنه يقول: العجب كل العجب، ممن يطلب معرفة الله، فإذا تعرف إليه أنكره.
وفي الحِكَم: «إذا فتح الله لك وجهة من التعرف فلا تبال معها، وإن قلَّ عملك، فإنه ما فتحها إلاَّ وهو يريد أن يتعرف إليك فيها، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك، والأعمال أنت مهديها إليه، وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك؟» . وبالله التوفيق.
ثم وبَّخهم على ما وقع لهم من الفشل، حين سمعوا بموت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:

[سورة آل عمران (3) : الآيات 144 الى 145]
وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)
قلت: (كتاباً) : مصدر، أي: كتب الموت كتاباً مؤجلاً.
يقول الحق جلّ جلاله: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ يصيبه ما أصابهم، قَدْ مضت مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، فسيمضي كما مضوا بالموت أو القتل، أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ بعد تقرر شريعته

[1] الغيران: جمع غار، ويجمع أيضا على أغوار.
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 414
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست