responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 412
ثم سلاَّهم وبشرهم فقال: وَلا تَهِنُوا أي: لا تضعفوا عن قتال عدوكم بما أصابكم، وَلا تَحْزَنُوا على من قُتل منكم، وهم سبعون من الأنصار وخمسة من المهاجرين، منهم: حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير- صاحب راية النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن جحش، وعثمان بن شماس، وسعد مولى عتبة- رضى الله عنهم-.
أو: (لا تحزنوا) لفوات الغنيمة وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ بأن تكون لكم العاقبة والنصر، أو: وحالكم أنكم أعلى منهم شأناً، فإنكم على الحق وقتالكم لله، وقتلاكم في الجنة، وهم على الباطل، وقتالهم للشيطان، وقتلاهم في النار، فلا تفشلوا عن الجهاد إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإن الإيمان يقتضي قوة القلب بالوثوق بالله والاعتماد عليه، أو: (إن كنتم مؤمنين) بما وعدتكم من العلو والنصر. والله أعلم.
الإشارة: قد خلت من قبلكم، أيها المريدون، سنن الله في أوليائه مع المنكرين عليهم من عوام عباده، فإنه أبعدهم عن ساحة حضرته، وحرمهم من سابق عنايته، حتى ماتوا على البُعد، فاندرست آثارهم وخربت ديارهم، فسيروا في الأرض وانظروا كيف كان عاقبةُ المكذِّبين لأوليائه، هذا بيان للمعتبرين، وزيادة هدى وموعظة للمتقين، فلا تهنوا أيها الفقراء وتضعفوا عن طلب الحق بالرجوع عن طريق الجد والاجتهاد، لما يصيبكم من أذى أهل العناد، وأنتم الأعلون بالنصر والتأييد، ورفع درجاتكم مع خواص أهل التوحيد، إن كنتم مؤمنين بوعد الملك المجيد، فمن طلب الله وجده، وأنجز بالوفاء موعده، لكن بعد تجرع كؤوس مرارة الصبر، ودوام الحمد والشكر، وأنشدوا:
لا تَحْسَب المجْد تَمْراً أَنْتَ آكِلُهُ ... لَنْ تَبْلُغَ المَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصّبر «1»
ثم سلاهم بمشاركة المكذبين فيما أصابهم، فقال:

[سورة آل عمران (3) : الآيات 140 الى 143]
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)
قلت: القرح- بالفتح والضم-: الجرح، وقيل: بالفتح: الجرح، وبالضم: ألمه ووجعه. والمداولة: المفاعلة من الدولة، وهي الغلبة، و (الأيام) : نعت أو خبر، و (نداولها) : خبر أو حال، و (ليعلم) : متعلق بمحذوف، أي: وفعل

(1) البيت للمتنبى.
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست