responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 296
قيل: أن الآية نزلت في عثمان وعبد الرحمن بن عوف- رضى الله عنهما أما عثمان فإنه جهز جيش العسرة بألف بعير بأقتابها وأحلاسها. وقال عبد الرحمن بن سمرة: جاء عُثْمَانُ بألْفِ دِينَارِ في جيش العُسْرَةِ، فصَبَها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُدخل يَده فيها، ويُقلِّبهَا ويقول: «ما ضَرَّ ابن عفَّان ما عَمِلَ بَعْدَ اليوم» .
زاد في رواية أبى سعيد: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم رافعاً يدعو لعثمان، ويقول: «يا رب عثمان بن عفان، رضيتُ عنه فارض عنه» . وأما عبد الرحمن: فإنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة آلاف درهم، صدقة، وأمسك أربعة آلاف لعياله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «بارك الله لك فيما أعطيتَ وفيما أمسكتَ» .
وإنما لم يدخل الفاء في قوله: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، مع أن الموصول قد تضمن معنى الشرط، إيهاماً بأنهم أهلٌ لذلك، وإن لم يفعلوا، فكيف بهم إذا فعلوا. قاله البيضاوي.
الإشارة: التقرُّب إلى الله تعالى يكون بالعمل البدني وبالعملي المالي، وبالعمل القلبي، أما العمل البدني، ويدخل فيه العمل اللساني، فقد ورد فيه التضعيف بعشر وبعشرين وبثلاثين وبخمسين وبمائة، وبأكثر من ذلك أو أقل، وكذلك العمل المالي: قد ورد تضعيفه إلى سبع مائة، ويتفاوت ذلك بحسب النيات والمقاصد، وأما العمل القلبي: فليس له أجر محصور، قال تعالى: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ، فالصبر، والخوف، والرجاء، والورع، والزهد، والتوكل، والمحبة، والرضا، والتسليم، والمعرفة، وحسن الخلق، والفكرة، وسائر الأخلاق الحميدة، إنما جزاؤها: الرضا، والإقبال والتقريب، وحسن الوصال. قال تعالى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ أي:
أكبر من الجزاء الحسيّ الذي هو القصور والحور.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام: «تفكر ساعة أفضل من عبادة سبعين سنة» . فإنما هو كناية عن الكثرة والمبالغة، كقوله تعالى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ. ومثله قول الشاعر [1] :
كُلُّ وَقتٍ مِنْ حَبيبيِ ... قَدْرُهُ كألفِ حجَّهْ
أي: سَنَة. والله تعالى أعلم.
ثم بيَّن الحقّ تعالى أن حسن الخلق ولين الجانب أفضل من الصدقة المشوبة، فقال:

[سورة البقرة (2) : آية 263]
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)
قلت: (قول) : مبتدأ، و (خير) : خبر، والمسوِّغ الصفةُ.

[1] وهو الششترى.
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 296
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست