responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 250
مال الوصي أحفظُ لماله، وأوفر، فهو خير، فإنما هم إخوانكم في الدين، وإن كان عزل مالهم عن مالكم، وأكله وحده، اوفر لماله، فاعتزالهم خير، وَاللَّهُ يَعْلَمُ من قصدُه الإفساد، ممن قصده الإصلاح، فيعامل كل واحد بقصده، وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لأمركم بعزلهم وحفظ مالهم مطلقاً، فيُحرجكم، ويشق عليكم، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب، لا يُعجزه شيء، حَكِيمٌ لا يفعل شيئاً إلا لحكمة ومصلحة.
ولمّا نزل قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ... الآية، تحرَّج الصحابة من مخالطة اليتامى، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية.
الإشارة: كل مَن لا شيخ له في طريق القوم فهو يتيم، لا أبَ له، فإن ادعى شيئاً من الخصوصية سُمي عندهم لقيطاً أو دعياً، أي: منسوباً إلى غير أبيه، وما زالت الأشياخ تُحذِّر من مخالطة العوام، ومن مخالطة المتفقرة الجاهلة، أعني: الذين لا شيخ لهم يصلح للتربية، حتى قالوا: مخالطتهم سُم قاتل. وقال بعضهم: يجتنب المريد مخالطة ثلاثة أصناف من الناس: المتفقرة الجاهلين، والقراء المداهنين، والجبابرة المتكبرين.
قلت: وكذلك الفروعية المتجمدين على ظاهر الشريعة، فصُحبتهم أقبحُ من الجميع، ومن ابتلى بمخالطة العوام فلينصحهم، ويرشدهم إلى مصالح دينهم، إنما هم إخوان في الدين، والله يعلم المفسد من المصلح، فمن خالطهم طمعاً في مالهم أو جاههم، أفسده الله، ومن خالطهم نُصحاً وإرشاداً أصلحه الله، ولو شاء الله لأمر الفقراء باعتزالهم بالكلية، وفي ذلك حرج ومشقة، ومِنْ حكمته تعالى أن جعلهم حجاباً لأهل الحجاب، ومدخلاً لذوي الألباب، حجاباً للضعفاء، ومدخلاً ومشهداً للأقوياء، والله تعالى أعلم.
ولما فرغ الحق جل جلاله من ذكر بعضَ أمر الجهاد وما يتعلق به، شَرَع يتكلم على النكاح، فقال:

[سورة البقرة (2) : آية 221]
وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)
قلت: بدأ الحقّ جلّ جلاله بذكر محل النكاح، وسيأتي في سورة النساء تمامه في قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... الآية.

اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 250
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست