responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 88
قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَمَجْعُولًا عَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَمُخْبَرًا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، فَهُمْ قَدِ انْدَرَجُوا فِي عُمُومِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَزَادُوا أَنَّهُمْ قَدِ ادَّعَوُا الْإِيمَانَ وَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ فِي دَعْوَاهُمْ. وَسَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ.
وَسَأَلَ سَائِلٌ: مَا مَعْنَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي يَقُولُ هُوَ مِنَ النَّاسِ، فَكَيْفَ يَصْلُحُ لِهَذَا الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وُقُوعُهُ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ بَعْدَهُ؟ فَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ مَعْنَوِيٌّ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ ذِكْرُ الْكَافِرِينَ، ثُمَّ أَعْقَبَ بِذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ، فَصَارَ نَظِيرَ التَّفْصِيلِ اللَّفْظِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي قُوَّةِ تَفْصِيلِ النَّاسِ إِلَى مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ وَمُنَافِقٍ، كَمَا فَصَّلُوا إِلَى مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ، وَمَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ، وَمَنْ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ يَقُولُ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ مَرْفُوعَةٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ الْمُتَقَدِّمُ الذِّكْرِ. وَيَقُولُ: صِفَةٌ، هَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْبَقَاءِ، وَجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الْوَجْهَ. وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَمِنَ النَّاسِ نَاسٌ يَقُولُونَ كَذَا، كَقَوْلِهِ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا [1] قَالَ: إِنْ جَعَلْتَ اللَّامَ لِلْجِنْسِ يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: وَمِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَإِنْ جَعْلَهَا لِلْعَهْدِ فَمَوْصُولَةٌ كَقَوْلِهِ: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ [2] . وَاسْتَضْعَفَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً بِمَعْنَى الَّذِي قَالَ، لِأَنَّ الَّذِي يَتَنَاوَلُ قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ، وَالْمَعْنَى هُنَا عَلَى الْإِبْهَامِ وَالتَّقْدِيرُ، وَمِنَ النَّاسِ فَرِيقٌ يَقُولُ: وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّ اللَّامَ فِي النَّاسِ، إِنْ كَانَتْ لِلْجِنْسِ كَانَتْ مَنْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً، وَإِنْ كَانَتْ لِلْعَهْدِ كَانَتْ مَوْصُولَةً، أَمْرٌ لَا تَحْقِيقَ لَهُ، كَأَنَّهُ أَرَادَ مُنَاسَبَةَ الْجِنْسِ لِلْجِنْسِ وَالْعَهْدِ لِلْعَهْدِ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلْجِنْسِ وَمَنْ مَوْصُولَةً، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْعَهْدِ، وَمَنْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ.
وَأَمَّا اسْتِضْعَافُ أَبِي الْبَقَاءِ كَوْنَ مَنْ مَوْصُولَةً وَزَعْمُهُ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْإِبْهَامِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، بَلِ الْمَعْنَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي نَاسٍ بِأَعْيَانِهِمْ مَعْرُوفِينَ، وَهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بن سَلُولَ، وَأَصْحَابُهُ، وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَبْطَنَ الْكُفْرَ، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ثَلَاثَ عَشْرَةَ آيَةً، وَذَكَرَ عَنْهُمْ أَقَاوِيلَ مُعَيَّنَةً قالوها، فلا يكون ذَلِكَ صَادِرًا إِلَّا مِنْ مُعَيَّنٍ فَأَخْبَرَ عَنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ. وَالَّذِي نَخْتَارُ أَنْ تَكُونَ مَنْ مَوْصُولَةً، وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَمِنْ حَيْثُ التَّرْكِيبُ الْفَصِيحُ. أَلَا تَرَى جَعْلَ مَنْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً إِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَتْ فِي مَكَانٍ يَخْتَصُّ بِالنَّكِرَةِ فِي أَكْثَرِ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَهَذَا الْكَلَامُ ليس

[1] سورة الأحزاب: 33/ 23.
[2] سورة التوبة: 9/ 61.
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست