responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 639
كَلَامٍ قَدْ تَقَدَّمَ صَدْرُهُ، وَهَذَا مِنْهُ. وَمِنْهُ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ. انْتَهَى، وَهَذَا أَيْضًا قَوْلٌ غَرِيبٌ.
وَتَلَخَّصَ أَنَّ أَمْ هُنَا فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: (الْمَشْهُورُ) أَنَّهَا هُنَا مُنْقَطِعَةٌ بِمَعْنَى بَلْ وَالْهَمْزَةِ.
(الثَّانِي) : أَنَّهَا لِلْإِضْرَابِ فَقَطْ، بِمَعْنَى بَلْ. (الثَّالِثُ) : بِمَعْنَى هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فَقَطْ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَعْنَى: مَا شَاهَدْتُمْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا حَصَلَ لَكُمُ الْعِلْمُ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ. وَقِيلَ: الْخَطَابُ لِلْيَهُودِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: مَا مَاتَ نَبِيٌّ إِلَّا عَلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوهُ، وَلَوْ سَمِعُوا مَا قَالَهُ لِبَنِيهِ، وَمَا قَالُوهُ، لَظَهَرَ لَهُمْ حِرْصُهُ عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَمَا ادَّعَوْا عَلَيْهِ الْيَهُودِيَّةَ. فَالْآيَةُ مُنَافِيَةٌ لِقَوْلِهِمْ، فَكَيْفَ يُقَالُ لَهُمْ: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ؟ وَلَكِنَّ الْوَجْهَ أَنْ تَكُونَ أَمْ مُتَّصِلَةً، عَلَى أَنْ يُقَدَّرَ قَبْلَهَا مَحْذُوفٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ:
أَتَدَّعُونَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْيَهُودِيَّةَ؟ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ؟ يَعْنِي أَنَّ أَوَائِلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا مُشَاهِدِينَ لَهُ، إِذْ أَرَادَ بَنِيهِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَمِلَّةِ الْإِسْلَامِ، فَمَا لَكُمْ تَدَّعُونَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ مَا هُمْ مِنْهُ بُرَآءُ؟ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَمُلَخَّصُهُ: أَنَّهُ جَعَلَ أَمْ مُتَّصِلَةً، وَأَنَّهُ حَذَفَ قَبْلَهَا مَا يُعَادِلُهَا، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَجَازَ حَذْفَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ، وَلَا يُحْفَظُ ذَلِكَ، لَا فِي شِعْرٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ: أَمْ زَيْدٌ؟ وَأَنْتَ تُرِيدُ: أَقَامَ عَمْرٌو أَمْ زَيْدٌ؟ وَلَا أَمْ قَامَ خَالِدٌ؟ وَأَنْتَ تُرِيدُ: أَخْرَجَ زَيْدٌ؟ أَمْ قَامَ خَالِدٌ؟ وَالسَّبَبُ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَذْفُ. أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَعْنَى:
أَيُّ الْأَمْرَيْنِ وَقَعَ؟ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ جُمْلَةٌ واحدة. وإما يُحْذَفُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ وَيَبْقَى الْمَعْطُوفُ مَعَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ، إِذَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ نَحْوُ قَوْلِكَ: بَلَى وَعَمْرًا، جَوَابًا لِمَنْ.
قَالَ: أَلَمْ تَضْرِبْ زَيْدًا؟ وَنَحْوُ قوله تعالى: اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ [1] ، أَيْ فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ. وَنَدَرَ حَذْفُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَوْ، نَحْوُ قَوْلِهِ:
فَهَلْ لَكَ أَوْ مِنْ وَالِدٍ لَكَ قَبْلَنَا أَرَادَ: فَهَلْ لَكَ مِنْ أَخٍ أَوْ مِنْ وَالِدٍ؟ وَمَعَ حَتَّى عَلَى نَظَرٍ فِيهِ فِي قَوْلِهِ:
فَيَا عَجَبًا حَتَّى كُلَيْبٌ تُسُبُّنِي أَيْ: يَسُبُّنِي النَّاسُ حَتَّى كُلَيْبٌ، لَكِنَّ الَّذِي سُمِعَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ حَذْفُ أَمِ الْمُتَّصِلَةِ مَعَ الْمَعْطُوفِ، قَالَ:
دَعَانِي إِلَيْهَا الْقَلْبُ إِنِّي لِأَمْرِهَا ... سَمِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طلابها

[1] سورة البقرة: 2/ 60.
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 639
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست