responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 618
الْبَصْرِيِّينَ. وَأَمَّا الْفَاءُ فَقَدْ أُدْغِمَتْ فِي الْبَاءِ فِي قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ: إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ [1] ، وَهُوَ إِمَامُ الْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا الرَّاءُ، فَذَهَبَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِدْغَامُ الرَّاءِ فِي اللَّامِ مِنْ أَجْلِ تَكْرِيرِهَا، وَلَا فِي النُّونِ. وَأَجَازَ ذَلِكَ فِي اللَّامِ: يَعْقُوبُ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ، وَالْفَرَّاءُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الرؤاسي، وهؤلاء الثلاثة رؤوس الْكُوفِيِّينَ، حَكَوْهُ سَمَاعًا عَنِ الْعَرَبِ. وَإِنَّمَا تَعَرَّضْتُ لِإِدْغَامِ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِيمَا يُجَاوِرُهَا، وَذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهَا، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ: لَا تُدْغَمُ فِيمَا يُجَاوِرُهَا، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ. فَأَوْرَدْتُ هَذَا الْخِلَافَ فِيهَا، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ، إِذْ إِطْلَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ أَلْبَتَّةَ. وَقِرَاءَةُ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ: بِضَمِّ الطَّاءِ، تَوْجِيهُهَا أَنَّهُ أَتْبَعَ حَرَكَةَ الطَّاءِ لِحَرَكَةِ الرَّاءِ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ أُبَيٍّ بِالنُّونِ فِيهِمَا، فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ، فَهِيَ شَاذَّةٌ.
وَقِرَاءَةُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ يَكُونُ تَكْرِيرُ قَالَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ، أَوْ لِيَكُونَ ذَلِكَ جُمْلَتَيْنِ، جُمْلَةٌ بِالدُّعَاءِ لِمَنْ آمَنَ، وَجُمْلَةٌ بِالدُّعَاءِ عَلَى مَنْ كَفَرَ، فَلَا يَنْدَرِجَانِ تَحْتَ مَعْمُولٍ وَاحِدٍ، بَلْ أَفْرَدَ كُلًّا بِقَوْلٍ. وَأَضْطَرُّهُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ، كَمَا تَقُولُ: عَضَّهُ بِالْفَتْحِ، وَهَذَا الْإِدْغَامُ هُوَ عَلَى لُغَةِ غَيْرِ الْحِجَازِيِّينَ، لِأَنَّ لُغَةَ الْحِجَازِيِّينَ فِي مِثْلِ هَذَا الْفَكُّ.
وَلَوْ قَرَأَ عَلَى لُغَةِ قَوْمِهِ، لَكَانَ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابٍ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ أَضْطَرُّهُ. وَمَعْنَى الِاضْطِرَارِ هُنَا هُوَ أَنَّهُ يُلْجَأُ وَيُلَزُّ إِلَى الْعَذَابِ، بِحَيْثُ لَا يجد محيصا عنه إذا حد، لَا يُؤْثِرُ دُخُولَ النَّارِ وَلَا يَخْتَارُهُ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ هُنَا مُلْغًى، إِذْ قَدْ يَدْخُلُ النَّارَ بَعْضُ الْعُصَاةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ الْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ الْمَعْنَى، أَيْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ النَّارُ، إِنْ كَانَ الْمَصِيرُ اسْمَ مَكَانٍ، وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا عَلَى رَأْيِ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ فَالتَّقْدِيرُ: وَبِئْسَتِ الصَّيْرُورَةُ صَيْرُورَتُهُ إِلَى الْعَذَابِ.
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ: هَذِهِ الجملة معطوفة على ما قَبْلَهَا، فَالْعَامِلُ فِي إِذْ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ الْعَامِلُ فِي إِذْ قَبْلَهَا. وَيَرْفَعُ فِي مَعْنَى رَفَعَ، وَإِذْ مِنَ الْأَدَوَاتِ الْمُخَلِّصَةِ لِلْمُضَارِعِ إِلَى الْمَاضِي، لِأَنَّهَا ظَرْفٌ لِمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ. وَالرَّفْعُ حَالَةُ الْخِطَابِ قَدْ وَقَعَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هِيَ حِكَايَةُ حَالٍ مَاضِيَةٍ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ. مِنَ الْبَيْتِ: هُوَ الْكَعْبَةُ. ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَاهِيَّةِ هَذَا الْبَيْتِ وَقِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ بَابَاهُ، وَكَمْ مَرَّةً حَجَّةُ آدَمُ، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَمَنْ سَاعَدَهُ عَلَى الْبِنَاءِ، قِصَصًا كَثِيرَةً. وَاسْتَطْرَدُوا مِنْ ذَلِكَ لِلْكَلَامِ فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَفِي طُولِ آدَمَ، وَالصَّلَعِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ ولولده، وفي

[1] سورة سبأ: 34/ 9.
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 618
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست