responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 505
لِوِدَادَتِهِمْ؟ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَوَّغُ إِلَّا عَلَى تَجَوُّزٍ، وَذَلِكَ أَنْ يُجْرِيَ يَوَدُّ مُجْرَى يَقُولُ، لِأَنَّ الْقَوْلَ يَنْشَأُ عَنِ الْأُمُورِ الْقَلْبِيَّةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَقُولُ أَحَدُهُمْ عَنْ وِدَادَةٍ مِنْ نَفْسِهِ لَوْ أُعَمِّرُ أَلْفَ سَنَةٍ. وَلَا تَحْتَاجُ لَوْ، إِذَا كَانَتْ لِلتَّمَنِّي، إِلَى جُمْلَةٍ جَوَابِيَّةٍ، لِأَنَّ مَعْنَاهَا مَعْنَى: يَا لَيْتَنِي أُعَمِّرُ، وَتَكُونُ إِذْ ذَاكَ الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ مَفْعُولٍ عَلَى طَرِيقِ الْحِكَايَةِ. فَتَلَخَّصَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ فِي لَوْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَنْ تَكُونَ حَرْفًا لِمَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ، وَأَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، وَأَنْ تَكُونَ لِلتَّمَنِّي مَحْكِيَّةً. وَمَعْنَى أَلْفَ سَنَةٍ: الْعُمْرُ الطَّوِيلُ فِي أَبْنَاءِ جِنْسِهِ، فَيَكُونُ أَلْفَ سَنَةٍ كِنَايَةً عَنِ الزَّمَانِ الطَّوِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أن يزيد أَلْفَ سَنَةٍ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَلْفَ سَنَةٍ، لِأَنَّ التَّمَنِّيَ يَقَعُ عَلَى الْجَائِزِ وَالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً أَوْ عَقْلًا، فَيَكُونُ هَذَا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لِشِدَّةِ حِرْصِهِمْ فِي ازْدِيَادِ الْحَيَاةِ يَتَعَلَّقُ تَمَنِّيهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَادَةً.
وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ: الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ: وما هُوَ عَائِدٌ عَلَى أَحَدِهِمْ، وَهُوَ اسْمُ مَا، وَبِمُزَحْزِحِهِ خَبَرُ مَا، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَذَلِكَ عَلَى لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَعَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذلك، وَأَنْ يُعَمَّرَ فَاعِلَ بِمُزَحْزِحِهِ، أَيْ وَمَا أَحَدُهُمْ مُزَحْزِحُهُ مِنَ الْعَذَابِ تَعْمِيرُهُ. وَجَوَّزُوا أَيْضًا فِي هَذَا الْوَجْهِ، أَعْنِي: أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى أَحَدُهُمْ، أَنْ يَكُونَ هُوَ مُبْتَدَأً، وَبِمُزَحْزِحِهِ خبر. وَأَنْ يُعَمَّرَ فَاعِلَ بِمُزَحْزِحِهِ، فَتَكُونَ مَا تَمِيمِيَّةً. وَهَذَا الْوَجْهُ، أَعْنِي أَنْ تَكُونَ مَا تَمِيمِيَّةً هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ بِهِ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَأَجَازُوا أَنْ يَكُونَ هُوَ ضَمِيرًا عَائِدًا عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: لَوْ يُعَمَّرُ، وَأَنْ يُعَمَّرَ بَدَلٌ مِنْهُ، وَارْتِفَاعُ هُوَ عَلَى وَجْهَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ اسْمَ مَا أَوْ مُبْتَدَأً. وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّعْمِيرِ، وَأَنْ يُعَمَّرَ بَدَلٌ مِنْهُ، وَلَا يَعُودُ هُوَ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَالَّذِي قَبْلَهُ، أَنَّ مُفَسِّرِ الضَّمِيرِ هُنَا هُوَ الْبَدَلُ، وَمُفَسِّرُهُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ هُوَ الْمَصْدَرُ الدَّالُّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ فِي لَوْ يُعَمَّرُ. وَكَوْنُ الْبَدَلِ يُفَسِّرُ الضَّمِيرَ فِيهِ خِلَافٌ، وَلَا خِلَافَ فِي تَفْسِيرِ الضَّمِيرِ بِالْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْفِعْلِ السَّابِقِ. فَهَذَا يُفَسِّرُهُ مَا قَبْلَهُ، وَذَاكَ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ.
وَهَذَا الَّذِي عَنَى الزَّمَخْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُبْهَمًا، وَأَنْ يُعَمَّرَ مُوَضِّحَهُ. يَعْنِي:
أَنْ يَكُونَ هُوَ لَا يَعُودُ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَهُ، وَأَنْ يُعَمَّرَ بَدَلٌ مِنْهُ وَهُوَ مُفَسِّرٌ. وَأَجَازَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ أَنْ يَكُونَ هُوَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ، وَهَذَا مَيْلٌ مِنْهُ إِلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ أَنَّ مُفَسِّرَ ضَمِيرِ الشَّأْنِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْمَجْهُولِ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ جُمْلَةٍ إِذَا انْتَظَمَ إِسْنَادًا مَعْنَوِيًّا نَحْوَ: ظَنَنْتُهُ قَائِمًا زيد، وَمَا هُوَ بِقَائِمٍ زَيْدٌ، فَهُوَ مُبْتَدَأٌ ضَمِيرٌ مَجْهُولٌ عِنْدَهُمْ، وَبِقَائِمٍ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، وَزَيْدٌ فَاعِلٌ بِقَائِمٍ. وَكَانَ الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ: مَا هُوَ يَقُومُ زَيْدٌ، وَلِذَلِكَ أَعْرَبُوا

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 505
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست