responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 489
مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هُوَ كُفْرُهُمْ. فَتَلَخَّصَ فِي قَوْلِ النَّصْبِ فِي الْجُمْلَةِ بَعْدَ مَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَا هَذِهِ الَّتِي هِيَ تَمْيِيزٌ فَمَوْضِعُهَا نَصْبٌ، أَوْ صِلَةً لِمَا الْمَحْذُوفَةِ الْمَوْصُولَةِ فَلَا مَوْضِعَ لَهَا، أَوْ صِفَةً لِشَيْءٍ الْمَحْذُوفِ الْمَخْصُوصِ بِالذَّمِّ فَمَوْضِعُهَا رفع، وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلَى أَنَّ مَوْضِعَهَا رَفْعٌ عَلَى أَنَّهَا فَاعِلُ بِئْسَ، فَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هِيَ مَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ، التَّقْدِيرُ: بِئْسَ الشَّيْءُ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ عَلَى هَذَا مَحْذُوفٌ، أَيْ شَيْءٌ اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ. وَعُزِيَ هَذَا الْقَوْلُ، أَعْنِي أَنَّ مَا مَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ لَا مَوْصُولَةٌ، إِلَى الْكِسَائِيِّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ، فِيمَا نُقِلَ عَنْهُمَا: أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ بِمَعْنَى الَّذِي، وَاشْتَرَوْا: صِلَةٌ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْفَارِسِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَعَزَى ابْنُ عَطِيَّةَ هَذَا الْقَوْلَ إِلَى سِيبَوَيْهِ قَالَ: فَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: بِئْسَ الَّذِي اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا، كَقَوْلِكَ: بِئْسَ الرَّجُلُ زِيدٌ، وَمَا فِي هَذَا الْقَوْلِ مَوْصُولَةٌ. انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهُوَ وَهْمٌ عَلَى سِيبَوَيْهِ. وَذَهَبَ الْكِسَائِيُّ فِيمَا نَقَلَ عَنْهُ الَمَهْدَوِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى أَنَّ مَا وبعدها فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، عَلَى أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، التَّقْدِيرُ: بِئْسَ اشْتِرَاؤُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا مُعْتَرَضٌ، لِأَنَّ بِئْسَ لَا تَدْخُلُ عَلَى اسْمٍ مُعَيَّنٍ يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الضَّمِيرِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَمَا قَالَهُ لَا يَلْزَمُ إِلَّا إِذَا نُصَّ عَلَى أمر مَرْفُوعٌ بِبِئْسَ، أَمَّا إِذَا جَعَلَهُ الْمَخْصُوصَ بِالذَّمِّ، وَجَعَلَ فَاعِلَ بِئْسَ مُضْمَرًا وَالتَّمْيِيزَ مَحْذُوفًا، لَفُهِمَ الْمَعْنَى. التَّقْدِيرُ: بِئْسَ اشْتِرَاءٌ اشْتِرَاؤُهُمْ، فَلَا يَلْزَمُ الِاعْتِرَاضُ، لَكِنْ يُبْطِلُ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي بِهِ عَلَى مَا، وَمَا الْمَصْدَرِيَّةُ لَا يَعُودُ عَلَيْهَا ضَمِيرٌ، لِأَنَّهَا حَرْفٌ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، إِذِ الْأَخْفَشُ يَزْعُمُ أَنَّهَا اسْمٌ.
وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَذَاهِبِ تَصْحِيحًا وَإِبْطَالًا يُذْكَرُ فِي عِلْمِ النَّحْوِ.
اشْتَرَوْا هُنَا: بِمَعْنَى بَاعُوا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: شَرَى وَاشْتَرَى: بِمَعْنَى بَاعَ، هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ إِنَّ الِاشْتِرَاءَ هُنَا عَلَى بَابِهِ، لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ، إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْعِقَابِ، أَتَى بِأَعْمَالٍ يَظُنُّ أَنَّهَا تُخَلِّصُهُ، وَكَأَنَّهُ قَدِ اشْتَرَى نَفْسَهُ بِهَا. فَهَؤُلَاءِ الْيَهُودُ لَمَّا اعْتَقَدُوا فِيمَا أَتَوْا بِهِ أَنَّهُ يُخَلِّصُهُمْ، ظَنُّوا أَنَّهُمُ اشْتَرَوْا أَنْفُسَهُمْ، فَذَمَّهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ مِنَ الْأَوَّلِ، يَعْنِي بِالْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى بَاعَ، وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ، يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ المراد ليس اشتراؤهم أَنْفُسَهُمْ بِالْكُفْرِ، ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَخْلُصُونَ مِنَ الْعِقَابِ، بَلْ ذَلِكَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْبَغْيِ وَالْحَسَدِ، لِكَوْنِهِ تَعَالَى جَعَلَ ذَلِكَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَاتَّضَحَ أَنَّ قَوْلَ الْجُمْهُورِ أَوْلَى.
أَنْ يَكْفُرُوا: تَقَدَّمَ أَنَّ مَوْضِعَهُ رَفْعٌ، إِمَّا، عَلَى أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِالذَّمِّ عِنْدَ مَنْ

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 489
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست