responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 486
مَا تُنْبِتُ، وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ قَلِيلًا انْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ مِنْ أَرْضٍ، وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: قَلِيلًا إِنْبَاتُهَا، أَيْ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وليست ما زائدة، وقليلا نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: تُنْبِتُ قَلِيلًا، إِذْ كَانَ التَّرْكِيبُ الْمُقَدَّرُ هَذَا لما صح أَنْ يُرَادَ بِالْقَلِيلِ النَّفْيُ الْمَحْضُ، لِأَنَّ قَوْلَكَ: تُنْبِتُ قَلِيلًا، لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْإِنْبَاتِ رَأْسًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْنَا: ضَرَبْتُ ضَرْبًا قَلِيلًا، لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ مَا ضَرَبْتُ أَصْلًا.
وَلَمَّا جاءَهُمْ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْيَهُودِ، وَنَزَلَتْ فِيهِمْ حِينَ كَانَتْ غَطَفَانُ تُقَاتِلُهُمْ وَتَهْزِمُهُمْ، أَوْ حِينَ كَانُوا يَلْقَوْنَ مِنَ الْعَرَبِ أَذًى كَثِيرًا، أَوْ حِينَ حَارَبَهُمُ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ فَغَلَبَتْهُمْ. كِتابٌ: هُوَ الْقُرْآنُ، وَإِسْنَادُ الْمَجِيءِ إِلَيْهِ مَجَازٌ. مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ، وَوَصْفُهُ بمن عِنْدِ اللَّهِ جَدِيرٌ أَنْ يُقْبَلَ، وَيُتَّبَعَ مَا فِيهِ، وَيُعْمَلَ بِمَضْمُونِهِ، إِذْ هُوَ وَارِدٌ مِنْ عِنْدِ خَالِقِهِمْ وَإِلَهِهِمُ الَّذِي هُوَ نَاظِرٌ فِي مَصَالِحِهِمْ. مُصَدِّقٌ: صِفَةٌ ثَانِيَةٌ، وَقُدِّمَتِ الْأَوْلَى عَلَيْهَا، لِأَنَّ الْوَصْفَ بِكَيْنُونَتِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ آكَدُ، وَوَصْفَهُ بالتصديق ناشىء عَنْ كَوْنِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. لَا يُقَالُ: إِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُتَعَلِّقًا بِجَاءَهُمْ، فَلَا يَكُونَ صِفَةً لِلْفَصْلِ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ بِمَا هُوَ مَعْمُولٌ لِغَيْرِ أَحَدِهِمَا. وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ مُصَدِّقًا، وَبِهِ قَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ كِتَابٌ، وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً. وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ بِلَا شَرْطٍ، فَقَدْ تَخَصَّصَتْ بِالصِّفَةِ، فَقَرُبَتْ مِنَ الْمَعْرِفَةِ. لِما مَعَهُمْ: هُوَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، وَتَصْدِيقُهُ إِمَّا بِكَوْنِهِمَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَوْ بِمَا اشْتَمَلَا عَلَيْهِ مَنْ ذِكْرِ بَعْثِ الرَّسُولِ وَنَعْتِهِ.
وَكانُوا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى جَاءَهُمْ، فَيَكُونَ جَوَابُ لَمَّا مُرَتَّبًا عَلَى الْمَجِيءِ وَالْكَوْنِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً حَالِيَّةً، أَيْ وَقَدْ كَانُوا، فَيَكُونَ الْجَوَابُ مُرَتَّبًا عَلَى الْمَجِيءِ بِقَيْدٍ فِي مَفْعُولِهِ، وَهُمْ كَوْنُهُمْ يَسْتَفْتِحُونَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ: وَكَانُوا أليست مَعْطُوفَةً عَلَى الْفِعْلِ بَعْدَ لَمَّا، وَلَا حَالًا لِأَنَّهُ قَدَّرَ جَوَابَ لَمَّا مَحْذُوفًا قَبْلَ تَفْسِيرِهِ يَسْتَفْتِحُونَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَكَانُوا، جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ مِنْ قَوْلِهِ:
وَلَمَّا. مِنْ قَبْلُ: أَيْ مِنْ قَبْلِ الْمَجِيءِ، وَبُنِيَ لِقَطْعِهِ عَنِ الْإِضَافَةِ إِلَى مَعْرِفَةٍ.
يَسْتَفْتِحُونَ: أَيْ يَسْتَحْكِمُونَ، أَوْ يَسْتَعْلِمُونَ، أَوْ يَسْتَنْصِرُونَ، أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ.
يَقُولُونَ، إِذَا دَهَمَهُمُ الْعَدُوُّ: اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَيْهِمْ بِالنَّبِيِّ الْمَبْعُوثِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، الَّذِي نَجِدُ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَابِ وَلَمَّا الْأُولَى، فَذَهَبَ الْأَخْفَشُ وَالزَّجَّاجُ إِلَى أَنَّهُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَدَّرَهُ نَحْوَ: كَذَّبُوا بِهِ وَاسْتَهَانُوا بِمَجِيئِهِ،

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 486
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست