responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 456
ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: لَا يَعْبُدُونَ، بِالْيَاءِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَعْبُدُوا، عَلَى النَّهْيِ. فَأَمَّا لَا يَعْبُدُونَ فَذَكَرُوا فِي إِعْرَابِهِ وُجُوهًا.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ جُمْلَةٌ مَنْفِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَيْ غَيْرَ عَابِدِينَ إِلَّا اللَّهَ أَيْ مُوَحِّدِينَ اللَّهَ وَمُفْرِدِيهِ بِالْعِبَادَةِ، وَهُوَ حَالٌ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ. لَا يُقَالُ إِنَّ الْمُضَافَ إِلَيْهِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا فِي الْمَعْنَى لِمِيثَاقٍ، إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، أَوْ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَصْدَرِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُورُ بَعْدَهُ فَاعِلًا فِي الْمَعْنَى، أَوْ مَفْعُولًا لِأَنَّ الَّذِي يُقَدِّرُ فِيهِ الْعَمَلَ هُوَ مَا انْحَلَّ إِلَى حَرْفٍ مَصْدَرِيٍّ وَالْفِعْلُ، وَهُنَا لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى أَنْ يَنْحَلَّ، لِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى مَوْضِعِهِ بِرَفْعٍ وَلَا نَصْبٍ، لِأَنَّكَ لَوْ قَدَّرْتَ أَخَذْنَا أَنْ نُوَاثِقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ أَنْ يُوَاثِقَنَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، لَمْ يَصِحَّ، بَلْ لَوْ فَرَضْنَا كَوْنَهُ مَصْدَرًا حَقِيقَةً: لَمْ يَجُزْ فِيهِ ذَلِكَ. أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: أَخَذْتُ عِلْمَ زَيْدٍ، لَمْ يَنْحَلَّ لِحَرْفٍ مَصْدَرِيٍّ وَالْفِعْلِ: لَا يُقَالُ: أَخَذْتُ أَنْ يَعْلَمَ زَيْدٌ. فَإِذَا لَمْ يَتَقَدَّرِ الْمَصْدَرُ بِحَرْفٍ مَصْدَرِيٍّ وَالْفِعْلِ، وَلَا كَانَ مِنْ ضَرْبًا زَيْدًا، لَمْ يَعْمَلْ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا الْأَخِيرِ، وَلِذَلِكَ مَنَعَ ابْنُ الطَّرَاوَةِ فِي تَرْجَمَةِ سِيبَوَيْهِ هَذَا. بَابُ عِلْمِ مَا الْكَلِمُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ: أَنْ يَتَقَدَّرَ الْمَصْدَرُ بِحَرْفٍ مَصْدَرِيٍّ وَالْفِعْلِ، وَرُدَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَجَازَهُ. وَمِمَّنْ أَجَازَهُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالًا: الْمُبَرِّدُ وَقُطْرُبٌ، قَالُوا: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُقَارَنَةً، وَحَالًا مُقَدَّرَةً. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ جَوَابًا لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ، أَيِ اسْتَحْلَفْنَاهُمْ وَاللَّهِ لَا يَعْبُدُونَ، وَنُسِبَ هَذَا الْوَجْهُ إِلَى سِيبَوَيْهِ، وَأَجَازَهُ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَالْمُبَرِّدُ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ أَنْ مَحْذُوفَةً، وَتَكُونَ أَنْ وَمَا بَعْدَهَا مَحْمُولًا عَلَى إِضْمَارِ حَرْفِ جَرٍّ، التَّقْدِيرُ: بِأَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ فَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ، إِذْ حَذْفُهُ مَعَ أَنَّ، وَأَنْ جَائِزٌ مُطَّرِدٌ، إِذْ لَمْ يُلْبِسْ، ثُمَّ حَذَفَ بَعْدَ ذَلِكَ، أَنْ، فَارْتَفَعَ الْفِعْلُ، فَصَارَ لَا تَعْبُدُونَ، قَالَهُ الْأَخْفَشُ، وَنَظِيرُهُ مِنْ نَثْرِ الْعَرَبِ: مُرْهُ يحفرها، وَمِنْ نَظْمِهَا قَوْلُهُ:
أَلَا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحَضُرَ الْوَغَى أَصْلُهُ: مُرْهُ بِأَنْ يَحْفِرَهَا. وَعَنْ: أَنْ أَحْضُرَ الْوَغَى، فَجَرَى فِيهِ مِنَ الْعَمَلِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ إِضْمَارِ أَنْ فِي مِثْلِ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَمِنَ النَّحْوِيِّينَ مَنْ مَنَعَهُ، وعلى ذلك متأخر وأصحابنا. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ حَذْفُهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ: يَجِبُ رَفْعُ الْفِعْلِ إِذْ ذَاكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِنَفْيِ الْعَمَلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُبَرِّدِ وَالْكُوفِيِّينَ. وَالصَّحِيحُ: قَصْرُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى السَّمَاعِ، وَمَا

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 456
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست