responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 85
وَقَالَ رَوْحٌ، عَنْ شِبْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنَّمَا الْبَدَلُ عَلَى مَنْ نَقَضَ حَجَّهُ بِالتَّلَذُّذِ، فَأَمَّا مَنْ حَبَسَهُ عُذْرٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ، وَلَا يَرْجِعُ» وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَهُوَ مُحْصَرٌ نَحَرَهُ إِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ، وَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، اهـ، مَحِلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ ; لِظُهُورِ وَجْهِهِ كَمَا تَرَى.

الْفَرْعُ الثَّانِي: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمُحْصَرِ هَدْيٌ، فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْهَدْيَ وَلَا يَحِلَّ حَتَّى يَهْدِيَ، أَوْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ بِدُونِ هَدْيٍ؟ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْهَدْيَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِدُونِهِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَوَافَقَ الْجُمْهُورَ أَشْهَبُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَخَالَفَ مَالِكٌ، وَابْنُ الْقَاسِمِ الْجُمْهُورَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَا: لَا هَدْيَ عَلَى الْمُحْصَرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَهُ مَعَهُ قَبْلَ الْإِحْصَارِ.
وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ وَاضِحَةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) فَتَعْلِيقُهُ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ عَلَى الْإِحْصَارِ تَعْلِيقُ الْجَزَاءِ عَلَى شَرْطِهِ، يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ الْهَدْيِ بِالْإِحْصَارِ لِمَنْ أَرَادَ التَّحَلُّلَ بِهِ، دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ كَمَا تَرَى، فَإِنْ عَجَزَ الْمُحْصَرُ عَنِ الْهَدْيِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَدَلٌ عَنْهُ أَوْ لَا؟
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا بَدَلَ إِنْ عَجَزَ عَنْهُ، وَمِمَّنْ قَالَ لَا بَدَلَ لِهَدْيِ الْمُحْصَرِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ; فَإِنَّ الْمُحْصَرَ عِنْدَهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا يَبْقَى مُحْرِمًا حَتَّى يَجِدَ هَدْيًا، أَوْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.
وَقَالَ بَعْضُ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ: إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا حَلَّ بِدُونِهِ، وَإِنْ تَيَسَّرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَدْيٌ أَهْدَاهُ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ فَلَهُ بَدَلٌ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ فِي بَدَلِ الْهَدْيِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ قِيَاسًا عَلَى مَنْ عَجَزَ عَمَّا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فِي التَّمَتُّعِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي بَدَلِ هَدْيِ الْمُحْصَرِ أَنَّهُ بِالْإِطْعَامِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي «كِتَابِ الْأَوْسَطِ» فَتُقَوَّمُ الشَّاةُ وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَقِيلَ إِطْعَامٌ كَإِطْعَامِ فِدْيَةِ الْأَذَى وَهُوَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَقِيلَ: بَدَلُهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ،

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست