responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 535
وَمِنْ ذَلِكَ حَشَرَاتُ الْأَرْضِ: كَالْفَأْرَةِ، وَالْحَيَّاتِ، وَالْأَفَاعِي، وَالْعَقَارِبِ، وَالْخُنْفُسَاءِ، وَالْعَظَايَةِ، وَالضَّفَادِعِ، وَالْجِرْذَانِ، وَالْوَزَغِ، وَالصَّرَاصِيرِ، وَالْعَنَاكِبِ، وِسَامِّ أَبْرَصَ، وَالْجِعْلَانِ، وَبَنَاتِ وَرْدَانِ، وَالدِّيدَانِ، وَحِمَارِ قَبَّانَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ; لِأَنَّهَا مُسْتَخْبَثَةٌ طَبْعًا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ.
وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَعُرْوَةُ، وَغَيْرُهُمْ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَرَخَّصَ فِي أَكْلِ ذَلِكَ: مَالِكٌ، وَاشْتَرَطَ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْحَيَّاتِ أَنْ يُؤْمَنَ سُمُّهَا.
وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ التَّرْخِيصُ فِي أَكْلِ الْحَشَرَاتِ: الْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ مِلْقَامِ بْنِ تَلِبٍّ، عَنْ أَبِيهِ تَلِبِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ التَّمِيمِيِّ الْعَنْبَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَةِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ أَشْيَاءَ، وَأَبَاحَ أَشْيَاءَ، فَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا أَبَاحَ فَهُوَ مُبَاحٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي الْفَأْرَةِ: مَا هِيَ بِحَرَامٍ، وَقَرَأَتْ قَوْلَهُ تَعَالَى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا الْآيَةَ.
وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ مِلْقَامَ بْنَ تَلِبٍّ مَسْتُورٌ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَبِأَنَّ قَوْلَ أَبِيهِ تَلِبِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَةِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِهَا، كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ ; لِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ صَحَابِيٍّ لِشَيْءٍ لَا يَقْتَضِي انْتِفَاءَهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَبِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَسْكُتْ عَنْ هَذَا ; لِأَنَّهُ حَرَّمَ الْخَبَائِثَ، وَهَذِهِ خَبَائِثُ، لَا يَكَادُ طَبْعٌ سَلِيمٌ يَسْتَسِيغُهَا، فَضْلًا عَنْ أَنَّ يَسْتَطِيبَهَا، وَالَّذِينَ يَأْكُلُونَ مِثْلَ هَذِهِ الْحَشَرَاتِ مِنَ الْعَرَبِ، إِنَّمَا يَدْعُوهُمْ لِذَلِكَ شِدَّةُ الْجُوعِ، كَمَا قَالَ أَحَدُ شُعَرَائِهِمْ: [الطَّوِيلُ]
أَكَلْنَا الرُّبَى يَا أُمَّ عَمْرٍو وَمَنْ يَكُنْ ... غَرِيبًا لَدَيْكُمْ يَأْكُلُ الْحَشَرَاتِ
وَالرُّبَى جُمَعُ رُبْيَةَ، وَهِيَ الْفَأْرَةُ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَفِي «اللِّسَانِ» أَنَّهَا دُوَيْبَّةٌ بَيْنَ الْفَأْرَةِ وَأُمِّ حُبَيْنٍ، وَلِتِلْكَ الْحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ لَمَّا سُئِلَ بَعْضُ الْعَرَبِ عَمَّا يَأْكُلُونَ، قَالَ: كُلُّ مَا دَبَّ

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 535
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست