responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 515
الرُّطَبِ فِي زَكَاةِ التَّمْرِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنَ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ الْيَابِسَيْنِ، هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَفِي الْمُوَطَّإِ مَا نَصُّهُ:
قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ النَّخْلَ تُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهَا وَثَمَرُهَا فِي رُؤُوسِهَا إِذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صَدَقَتُهُ تَمْرًا عِنْدَ الْجِذَاذِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي الْكَرْمِ. انْتَهَى مَحَلُّ الْفَرْضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ، وَفِيهِ تَصْرِيحُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ عُلَمَاءِ زَمَنِهِ، أَنَّ الزَّكَاةَ تُخْرَجُ تَمْرًا، وَهُوَ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ مَنِ ادَّعَى جَوَازَ إِخْرَاجِهَا مِنَ الرُّطَبِ أَوِ الْبُسْرِ، فَدَعَوَاهُ مُخَالِفَةٌ لِلْأَمْرِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعُلَمَاءِ زَمَنِهِ.
وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ الْبَلَحَ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ وَالْعِنَبَ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ كَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا، لَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ مَعَ تَعَذُّرِ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ الْيَابِسَانِ، بَلْ تُدْفَعُ الزَّكَاةُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَجْعَلُوا الْعِنَبَ وَالرُّطَبَ أَصْلًا، وَلَمْ يَقْبَلُوهُمَا بَدَلًا عَنِ الْأَصْلِ، وَقَالُوا: بِوُجُوبِ الثَّمَنِ إِنْ بِيعَ، وَالْقِيمَةِ إِنْ أُكِلَ.
قَالَ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَثَمَنُ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ وَمَا لَا يَجِفُّ، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: وَمَا لَا يَجِفُّ، أَنَّ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ اللَّذَيْنِ لَا يَيْبَسَانِ يَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِمَا لَا مِنْ نَفْسِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَفِي الْمَوَّاقِ فِي شَرْحِ قَوْلِ خَلِيلٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ مَا نَصُّهُ:
قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ كَانَ رُطَبُ هَذَا النَّخْلِ لَا يَكُونُ تَمْرًا، وَلَا هَذَا الْعِنَبُ زَبِيبًا، فَلْيُخْرَصْ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ مُمْكِنًا، فَإِنْ صَحَّ فِي التَّقْدِيرِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ ثَمَنِهِ. انْتَهَى مَحَلُّ الْفَرْضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَرَى إِخْرَاجَ الرُّطَبِ، وَالْعِنَبِ فِي الزَّكَاةِ ; لِعُدُولِهِ عَنْهُمَا إِلَى الثَّمَنِ فِي حَالِ تَعَذُّرِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْيَابِسَيْنِ، فَكَيْفَ بِالْحَالَةِ الَّتِي لَمْ يَتَعَذَّرَا فِيهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ إِخْرَاجَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَمَّا يَبِسَ مِنْ رُطَبٍ وَعِنَبٍ، لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا قِيَاسٍ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَيْبَسُ كَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا، فَفِيهِ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِإِجْزَاءِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَنُقِلَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ رُشْدٍ، وَسَتَرَى - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - فِي آخِرِ هَذَا الْمَبْحَثِ كَلَامَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ الْيَابِسَانِ دُونَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ دَلَّتْ عَلَيْهِ عِدَّةُ أَدِلَّةٍ:

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 515
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست