responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 512
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا، وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبْعَ "، فَإِنْ قِيلَ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ نِيَارٍ الرَّاوِي، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَقَدْ قَالَ الْبَزَّارُ: إِنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، فَالْجَوَابُ: أَنَّ لَهُ شَاهِدًا بِإِسْنَادٍ مُتَّفَقٍ عَلَى صِحَّتِهِ: " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ بِهِ، قَالَهُ الْحَاكِمُ، وَمِنْ شَوَاهِدِهِ: مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: " خَفِّفُوا فِي الْخَرْصِ "، الْحَدِيثَ، وَفِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاللَّيْثُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَالصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الْخَارِصَ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَتْرُكُ الثُّلُثَ أَوِ الرُّبْعَ هُوَ الصَّوَابُ ; لِثُبُوتِ الْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُعَارِضُهُ ; وَلِأَنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَى أَنْ يَأْكُلُوا وَيُطْعِمُوا جِيرَانَهُمْ، وَضُيُوفَهُمْ، وَأَصْدِقَاءَهُمْ، وَسُؤَّالَهُمْ ; وَلِأَنَّ بَعْضَ الثَّمَرِ يَتَسَاقَطُ، وَتَنْتَابُهُ الطَّيْرُ، وَتَأْكُلُ مِنْهُ الْمَارَّةُ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ لَهُمُ الْخَارِصُ شَيْئًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمُ الْأَكْلَ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَلْزَمُ إِسْقَاطُهُ، وَلَا يَحْسَبُ عَلَيْهِمْ.
وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ مُقْتَضَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ، فَإِنْ زَادَ الثَّمَرُ أَوْ نَقَصَ عَمَّا خَرَصَهُ بِهِ الْخَارِصُ، فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ، وَتَلْزَمُهُ فِيمَا نَقَصَ ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُنْدَبُ الْإِخْرَاجُ فِي الزَّائِدِ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ مَا نَقَصَ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ شَيْءٍ لَمْ يُوجَدْ، وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّهَا قَدْ تَجِبُ عَلَيْهِ، قَالَ خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَالِكِيُّ فِي " مُخْتَصَرِهِ ": وَإِنْ زَادَتْ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ فَالْأَحَبُّ الْإِخْرَاجُ، وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوِ الْوُجُوبِ؟ تَأْوِيلَانِ.
قَالَ شَارِحُهُ الْمَوَّاقُ مِنَ الْمُدَوِّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ خَرَصَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ فَرَفَعَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُزَكِّيَ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: لَفْظَةُ أَحْبَبْتُ هَا هُنَا عَلَى الْإِيجَابِ، وَهُوَ صَوَابٌ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِحُكْمٍ، ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ خَطَأٌ صُرَاحٌ. ابْنُ عَرَفَةَ، عَلَى هَذَا حَمَلَهَا الْأَكْثَرُ، وَحَمَلَهَا ابْنُ رَشِيدٍ، وَعِيَاضٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الزَّائِدِ هُوَ الْأَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَمَّا النَّقْصُ: فَإِذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا نَقَصَتْ عَمَّا خُرِصَتْ بِهِ،

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 512
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست