responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 481
وَهُوَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ إِلَيْهِ وُقُوعُ الْعَذَابِ الَّذِي يَطْلُبُونَ تَعْجِيلَهُ فِي وَقْتِ طَلَبِهِمْ، لَعَجَّلَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَعْجِيلَ الْعَذَابِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، بَلْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ إِهْلَاكَهُمْ فَاخْتَارَ عَدَمَ إِهْلَاكِهِمْ، وَلَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَعَنِّتِ الطَّالِبِ تَعْجِيلَ الْعَذَابِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يُعْلِمُهَا إِلَّا هُوَ الْآيَةَ، بَيَّنَ تَعَالَى الْمُرَادَ بِمَفَاتِحِ الْغَيْبِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [31 \ 34] ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِمَفَاتِحِ الْغَيْبِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْمَفَاتِحُ الْخَزَائِنُ، جَمْعُ مَفْتَحٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِمَعْنَى الْمَخْزَنِ، وَقِيلَ: هِيَ الْمَفَاتِيحُ، جَمْعُ مِفْتَحٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْمِفْتَاحُ، وَتَدُلُّ لَهُ قِرَاءَةُ ابْنِ السُّمَيْقِعِ.
«مَفَاتِيحُ» بِيَاءٍ بَعْدَ التَّاءِ جَمْعُ مِفْتَاحٍ، وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَيْبَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْخَلْقَ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمْ خَالِقُهُمْ جَلَّ وَعَلَا.
وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ» ، وَاللَّهُ يَقُولُ: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [27 \ 65] ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعْلِنَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ [6 \ 50] .
وَلِذَا لَمَّا رُمِيَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِالْإِفْكِ، لَمْ يَعْلَمْ، أَهِيَ بَرِيئَةٌ أَمْ لَا، حَتَّى أَخْبَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ [24 \ 26] .
وَقَدْ ذَبَحَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِجْلَهُ لِلْمَلَائِكَةِ، وَلَا عِلْمَ لَهُ بِأَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ حَتَّى أَخْبَرُوهُ، وَقَالُوا لَهُ: إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ [11 \ 70] ، وَلَمَّا جَاءُوا لُوطًا لَمْ يَعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ، وَلِذَا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ [11 \ 77] ، يَخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ قَوْمُهُ فَاحِشَتَهُمُ الْمَعْرُوفَةَ، حَتَّى قَالَ: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [11 \ 80] ، وَلَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُمْ حَتَّى قَالُوا لَهُ: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ الْآيَاتِ [11 \ 81] .

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 481
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست