responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 456
الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا لَا يَكْفِي فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْخُصُوصِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِوَاءُ النَّاسِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَقَوْلُهُ " نَفَّلَنِيهِ " لَيْسَ بِدَلِيلٍ ; لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ نَفَّلَ كُلَّ مَنْ وَجَدَ قَاطِعَ شَجَرٍ، أَوْ قَاتِلَ صَيْدٍ بِالْمَدِينَةِ ثِيَابَهُ، كَمَا نَفَّلَ سَعْدًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
الثَّانِي: أَنَّ سَعْدًا نَفْسَهُ رُوِيَ عَنْهُ تَعْمِيمُ الْحُكْمِ، وَشُمُولُهُ لِغَيْرِهِ، فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ، فَجَاءَ مَوَالِيهِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ، وَقَالَ: " مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا فَلَكُمْ سَلَبُهُ " ; فَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ ثَمَنَهُ أَعْطَيْتُكُمْ "، وَفِي لَفْظٍ: " مَنْ أَخَذَ أَحَدًا يَصِيدُ فِيهِ فَلْيَسْلُبْهُ ثِيَابَهُ "، وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْعُمُومِ وَعَدَمِ الْخُصُوصِ بِسَعْدٍ كَمَا تَرَى، وَفِيهِ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: " نَفَّلَنِيهِ " وَأَنَّهُ عَامٌّ لِكُلِّ مَنْ وَجَدَ أَحَدًا يَفْعَلُ فِيهَا ذَلِكَ.
وَتَضْعِيفُ بَعْضِهِمْ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ ; لِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَقْبُولٌ، قَالَ فِيهِ الذَّهَبِيُّ: تَابِعِيٌّ مُوَثَّقٌ، وَقَالَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي " التَّقْرِيبِ ": مَقْبُولٌ.
وَالْمَقْبُولُ عِنْدَهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي مُقَدِّمَةِ تَقْرِيبِهِ: هُوَ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَا يُتْرَكُ حَدِيثُهُ مِنْ أَجْلِهِ، فَهُوَ مَقْبُولٌ حَيْثُ يُتَابَعُ، وَإِلَّا فَلَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِيهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَيْسَ بِمَشْهُورٍ، وَلَكِنْ يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ. اهـ.
وَقَدْ تَابَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَحْمَدَ، وَمَوْلًى لِسَعْدٍ، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، كُلُّهُمْ عَنْ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاتَّضَحَ رَدُّ تَضْعِيفِهِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ صَحَّحَهُ، وَأَنَّ الذَّهَبِيَّ قَالَ فِيهِ: تَابِعِيٌّ مُوَثَّقٌ.
وَالْمُرَادُ بِسَلَبِ قَاطِعِ الشَّجَرِ أَوْ قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي الْمَدِينَةِ أَخَذُ ثِيَابِهِ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: حَتَّى سَرَاوِيلَهُ.
وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ وُجُوبِ تَرْكِ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: السَّلَبُ هُنَا سَلَبُ الْقَاتِلِ، وَفِي مَصْرِفِ هَذَا السَّلَبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 456
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست