responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 452
فَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ: لَا ضَمَانَ فِي شَجَرِهِ وَنَبَاتِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَجِدُ دَلِيلًا أُوجِبُ بِهِ فِي شَجَرِ الْحَرَمِ فَرْضًا مِنْ كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إِجْمَاعٍ، وَأَقُولُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ: نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى.
وَالَّذِينَ قَالُوا بِضَمَانِهِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: يَضْمَنُ كُلَّهُ بِالْقِيمَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ: يَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَقَرَةٍ، وَالصَّغِيرَةَ بِشَاةٍ، وَالْخَلَا بِقِيمَتِهِ، وَالْغُصْنَ بِمَا نَقَصَ، فَإِنْ نَبْتَ مَا قَطَعَ مِنْهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْقُطُ الضَّمَانُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ سُقُوطِهِ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: فِي الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ، وَفِي الشَّجَرَةِ الْجَزْلَةِ شَاةٌ، بِآثَارٍ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالدَّوْحَةُ: هِيَ الشَّجَرَةُ الْكَبِيرَةُ، وَالْجَزْلَةُ: الصَّغِيرَةُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: حَرَمُ الْمَدِينَةِ، اعْلَمْ أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَمٌ أَيْضًا لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجُمْهُورَ، فَقَالَ: إِنَّ حَرَمَ الْمَدِينَةِ لَيْسَ بِحَرَمٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْحَرَمِ مِنْ تَحْرِيمِ قَتْلِ الصَّيْدِ، وَقَطْعِ الشَّجَرِ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ تَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَتَقْضِي بِأَنَّ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ حَرَمٌ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ إِلَّا لِعَلَفٍ، فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ "، الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: " حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ، وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى "، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ تَرْتَعُ فِي الْمَدِينَةِ مَا ذَعَرْتُهَا "، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا فِي الْمَدِينَةِ، قَالَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَرِّمُ شَجَرَهَا أَنْ يَخْبِطَ أَوْ يُعْضَدَ "، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ "، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلَا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 452
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست