responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 399
فَهَلْ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ كُلِّهِمْ؟ وَيَصِيرُ الْقَتْلُ لِلْأَوْلِيَاءِ إِنْ شَاءُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا نَظَرًا إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ، فَالشُّبْهَةُ فِي فِعْلِ وَاحِدٍ شُبْهَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ أَبٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إِذَا تَابَ الْمُحَارِبُونَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ ; فَتَوْبَتُهُمْ حِينَئِذٍ لَا تُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا إِنْ جَاءُوا تَائِبِينَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ سَبِيلٌ ; لِأَنَّهُمْ تَسْقُطُ عَنْهُمْ حُدُودُ اللَّهِ، وَتَبْقَى عَلَيْهِمْ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ، فَيُقْتَصُّ مِنْهُمْ فِي الْأَنْفُسِ وَالْجِرَاحِ، وَيَلْزَمُهُمْ غُرْمُ مَا أَتْلَفُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَلِوَلِيِّ الدَّمِ حِينَئِذٍ الْعَفْوُ إِنْ شَاءَ، وَلِصَاحِبِ الْمَالِ إِسْقَاطُهُ عَنْهُمْ.
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مَعَ الْإِجْمَاعِ عَلَى سُقُوطِ حُدُودِ اللَّهِ عَنْهُمْ بِتَوْبَتِهِمْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ الْآيَةَ [5 \ 34] ، وَإِنَّمَا لَزِمَ أَخْذُ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَتَضْمِينُهُمْ مَا اسْتَهْلَكُوا ; لِأَنَّ ذَلِكَ غَصْبٌ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ تَمُلُّكُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: لَا يُطْلَبُ الْمُحَارِبُ الَّذِي جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا وُجِدَ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ، وَأَمَّا مَا اسْتَهْلَكَهُ، فَلَا يُطْلَبُ بِهِ، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ هَذَا عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ فِعْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِحَارِثَةَ بْنِ بَدْرٍ الْغُدَانِيُّ، فَإِنَّهُ كَانَ مُحَارِبًا، ثُمَّ تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ لَهُ سُقُوطَ الْأَمْوَالِ وَالدَّمِ عَنْهُ كِتَابًا مَنْشُورًا، وَنَحْوَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مِنْدَادَ: وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُحَارِبِ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ، هَلْ يُتْبَعُ دَيْنًا بِمَا أَخَذَ؟ أَوْ يُسْقَطُ عَنْهُ، كَمَا يُسْقَطُ عَنِ السَّارِقِ، يَعْنِي عِنْدَ مَالِكٍ، وَالْمُسْلِمُ، وَالذِّمِّيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [5 \ 32] ، اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهَا أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا، أَوْ إِمَامَ عَدْلٍ، فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ أَحْيَاهُ، بِأَنْ شَدَّ عَضُدَهُ وَنَصَرَهُ، فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا، نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يَخْفَى بُعْدَهُ عَنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ.

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست